تقول الكاتبة يمان السباعي: “… إذا كان الزواج سليما وميسرا وطبيعيا كانت الأمة طاهرة ومنظمة وسعيدة، وإن كان الزواج صعبا وتواجهه المشكلات فويل للأمة مما سيحدث…” يمان السباعي : الراقصون على جراحنا، صفحة 209 الطبعة الرابعة، سنة 1987.
نعم، إذا استقرت مؤسسة الزواج واستقامت ينشط أفراد الأسرة للعمل والجد، ويقبلون على مواجهة التحديات التي تتهدد الأمة من كل جانب؛ وحينما يضمن كل فرد سلامة حصنه الداخلي، ويأمن على قلعته الصغيرة؛ تكبر اهتماماته ويسعى في بناء نهضة الأمة الشاملة، أما الفرد المضطرب الذي يعيش عدم الاستقرار الأسري لا يمكن الاعتماد عليه في أن ينتج بفعالية.
وفي خضم الواقع المتباين الذي نعيشه؛ نحتاج إلى إنقاذ نواة المجتمع من التدهور، كما نحتاج إلى تفكير عميق في شأن الأسرة، والمفاهيم التي تبنى عليها، والثقافة التي نتعامل بها مع قضية الزواج ما حقيقتها؟ ما هي أسسها؟ وما هي المعايير التي تحكم اختيارات الناس عند بناء الأسرة؟
أتذكر حال شباب ذكورا وإناثا لما يجدوا طريقا ميسرا للزواج والمعاشرة الحسنة؛ انخرطوا في سلك الرذيلة؛ فانتشر فيهم الفساد، فوقعوا صرعى سهامه التي اخترقت جهاز مناعتهم الأخلاقي، وألقت بهم في أتون الهلاك فساء سبيلهم، ـ رد الله بهم إلى الجادة وحفظ من سلم من حالهم.ـ واعتقد أننا نتحمل جميعا مسؤولية انتشالهم مما هم فيه، وإعادة تأهيلهم ليكونوا أفرادا صالحين.
وأجد في المجتمع شبابا خيرين متطهرين حملوا أنفسهم على العفة، وطفقوا يترصدون أسبابها، ونفوسهم مكلومة مما آل حال إليه المجتمع من أزمات تتفاقم دون حد خاصة في مجال الأسرة. جلست مرة مع ثلة منهم نناقش موضوع الزواج من زاوية غير زاوية الاستمتاع وهدر الوقت الذي هو ديدن كثير من الناس، وعمدنا إلى طريقة منهجية تستهدف الإحاطة؛ ولم يكن من سبيل إليها سوى طرح كل الأسئلة العالقة التي تشغل بالهم، ومحاولة البحث عن أجوبة تشفي وتكون حافزا للعمل الفعال في مرحلة لاحقة.
فقمنا بتسجيل جميع الأسئلة المحورية وعلى رأسها سؤال حول: ما الهدف من الزواج أصالة؟ ثم تتابعت الأسئلة الباحثة عن أجوبة موضوعية تسهم في حل المعضلة؛ ولأجل بلورة تصور شامل والخروج بنتائج أفضل ينتفع بها من يطلع عليها أعرض جملة الأسئلة النموذجية مرتبة حسب ورودها خلال المناقشات؛ طالبا ممن يقف عليها الإسهام في الإجابة عليها ونشرها ليعم نفعها ولنفتح حوارا جديا حول هذا الموضوع الهام والخطير في نفس الآن، والله الموفق للصواب.
الأسئلة :
1. ما الهدف من الزواج أصالة؟ وهل هناك هدف واضح للمقبلين على الزواج في واقعنا؟
2. متى يطرح موضوع الزواج على الشاب والشابة في مجتمعنا؟
3. ماذا تثير كلمة “زواج” في ذهن السامع، ولماذا الحرج عند الحديث عنه في بعض الأوساط؟
4. الزواج بين الاختيار الفردي والتدخل الأسري؛ تدخل الوالدين والأقارب هل هو لازم؟ وما حدوده؟
5. كيف تحدد دوافع الاختيار وما الموقف من المبالغة في المواصفات المطلوبة في طرفيه؟
6. لماذا تتدخل النساء بحدة في مراحل الزواج وبخاصة عند الاحتفال به؟
7. لماذا ينتهي دور الآباء الرجال عند توثيق العقد ولا يتجاوزه إلى تسيير الاحتفال؟
8. ما تفسير محنة الشاب قبل مباشرة الزواج المتمثلة في الإعداد المالي، وأثناء الاحتفال بالإنفاق، وبعده بأداء الديون؟
9. كيف ستكون حياة الزوجين في ظل غلبة الديون وانعدام الاستقرار؟
10. ما تفسير دور الانتظار الذي تقوم به الفتاة تحسبا لمجيء الخاطب؟
11. هل من تحديد لثقافة الأبوين فضلا عن الأبناء عن كيفية إجراء العقد والاحتفال بالزواج؟
12. ما مفهوم المهر الذي يقدم للفتاة اجتماعيا في بعض البلدان؟ وهل تعلم عنه شيئا؟
13. ما آثار الزواج على التحصيل العلمي والدراسي؟ وهل من حل لمعاناة الطلبة والطالبات؟
14. هل من سبيل إلى تيسير الزواج للقادرين عليه؟ وإعانة غير القادرين؟
15. ما هي آثار العنوسة على الذكور والإناث دون مبرر معقول؟
16. هل في الإمكان تجاوز كثير من الأعراف والعادات التي تعوق الزواج؟
17. متى يحضر الشرع ومتى يغيب في هذا الموضوع؟
تلك أسئلة أوردتها مرتبة كما جاءت في النقاش المفتوح حول الزواج ـ كما سبق الذكر ـ ولعل أغلبها قابل للتجزيء إلى أسئلة أخرى أكثر دقة، وبعضها يمكن دمجه في بعض؛ أعرضها بحثا عن حل منيع أو رد جميل؛ فهي أكبر من أن تغفل وتترك، لأنها نفثات صدور شباب يبحثون عمن ينير طريقهم في هذا الموضوع الحساس.
وأقترح أن تتم مدارسة هذه الأسئلة، وأن يسهم مختصون في ذلك فضلا عن إشراك عموم رواد الموقع للإدلاء بآرائهم وجمع المعلومات التي تسهم في إثارة الموضوع ومعالجة مختلف جوانبه؛ وهي مناسبة لمناقشات جادة في موضوع الأسرة، وإشاعة التعاطي معه بمسؤولية.