الأثنين 04 نوفمبر 2024 / 02-جمادى الأولى-1446

أهمية فهم سلوك الطفل



 

تحتار كثير من الأمهات في البيوت والمربيات في المدارس والرياض في كيفيَّة تعاملهن وبعض التصرُّفات التي تصدر عن أطفالهن، وكثير منهن يتعاملن مع هذه المسألة بجهل وعدم دراية، فيلجأن إلى أساليب بدائية تستند إلى العقاب البدني أو التأنيب الشفوي، وهذا التصرُّف الخطأ قد يترك آثاراً مؤذية في نفس الطفل أو جسمه، ويؤثر سلباً في نموه العاطفي. فكيف يمكن للأسرة أن تشبع حاجات طفلها العاطفية لينشأ سليماً من التردُّد والضعف والخوف؟

مما لا شك فيه أن البناء المتوازن لشخصيَّة الطفل يتطلَّب اهتماماً متكاملاً بجميع النواحي المُكوَّنة لها بمنهجيَّة علميَّة مدروسة، فهو كما يحتاج إلى الطعام والشراب اللذين لا يقوى على الحياة من دونهما، فإنه يحتاج إلى الأمان والمحبة منذ ولادته وحتى ينضج ويصبح رجلاً راشداً يعتمد على نفسه في تصريف شؤون حياته.

ومن مظاهر حاجة الطفل إلى الأمان أنه يبكي ليحظى باهتمام أمه حين يتعب أو يملّ، وهو يبكي لتلاعبه وتحدثه، وتزداد حاجة الطفل إلى الحب عندما يصدر عنه فعل سيئ، أو عندما يكون مريضاً. وهو يحتاج إلى من يتعاطف معه، ويظل إلى جانبه ليشعر بالرضى ويستعيد توازنه، وهو في حاجة لأن يشعر بحب والديه له. فكيف يمكن التعامل وهذه المظاهر لتقويمها وترشيد نمو الطفل حتى يصل إلى مرحلة الاستقرار؟

يجب أولاً وقبل كل شيء التعرُّف على الطفل لفهم دوافعه، وتعليل كل ما يصدر عنه من ردود أفعال، كما أن هناك العديد من الممارسات الإيجابيَّة التي يحسن بالأسرة أن تمارسها في أثناء تربيتها لأطفالها، وأخرى سلبيَّة يجب اجتنابها؛ لأنّها قد تلحق بهم أذىً كبيراً.

أهمية التعرُّف على الطفل:

يتفاوت الأطفال في العادات والطباع، وبما يتمخض عن ذلك من ممارسات، وتؤدي الجينات الوراثيَّة والبيئة المحيطة دوراً مهماً في تحديد نوع هذه الممارسات، وكل ما يسمعه الطفل وكل ما يراه يؤثر في تصرُّفاته سلباً أو إيجاباً، حتى في الشهور الأولى من عمره، وعلى الرّغم من أنه لا يفهم شيئاً كثيراً مما يجري حوله، لكنه إن سمع أمه تصرخ في وجه أبيه مثلاً، فإنه قد ينشأ عصبياً حاد المزاج كثير البكاء، وفي الوقت نفسه فإنّ الأم التي تهدهد وليدها وتحنو عليه وتغني له، تجعله ينزع إلى الهدوء الذي يفيد في استقراره الوجداني. ولكي تظل نفس الصغير سليمة من العقد، وما يصاحبها من اضطرابات سلوكيَّة، فإنه من المهم أن تعرف الأم كيف تتعامل مع وليدها.

منذ ولادته يحتاج الطفل إلى الحنان، ولكي يتكامل نموه وجدانياً، فإن من المهم ألا ينشأ عصبياً، والعصبيَّة يكتسبها الطفل من أبويه أحدهما أو كليهما، فهو يتأثر ببيئته. ومن هنا يجب على الوالدين أن يجتنبا الحدة والصراع على مرأى أو مسمع من الطفل لأنه وإن كان ما زال رضيعاً إلا أنه يتفاعل مع نبرات الصوت التي يسمعها، فإن كان ما سمعه صوتاً حاداً مزعجاً تأثر به الطفل سلباً، وإن كان حنوناً هادئاً، فإنه يشعر بالأمان والطمأنينة.

وفي السنة الأولى من عمره يميل الطفل إلى الاعتماد على نفسه، كأن يرفض تناول الطعام إلا إذا أمسك بالملعقة، وبمرور الأشهر يتطلع إلى تأكيد ذاته أكثر، ويحاول أن يقوم بممارسات تلفت أنظار الآخرين إليه.

وفي حوالي منتصف العام الثاني يبدأ خيال الطفل بالتطوُّر، مع أخذ الفروق الفرديَّة في الحسبان، ويتناسب اتساع خيال الطفل تناسباً طردياً مع درجة ذكائه، فكلما ارتفعت درجة خياله اتسع ذكاؤه. ويمكن ملاحظة بداية تطوُّر الطفل من خلال مراقبته وهو يمارس ألعابه.

وبعد أن يتجاوز السنة الثانية يبدأ خياله بتصوير أطفال آخرين يشاركونه اللعب، فيحدثهم ويروي لهم قصصاً تبرز خبرته، وتعبّر عن مكنونات شعوره تجاه والديه وأصدقائه، وأحياناً تكشف عباراته عن تناقض وجداني، حيث توحي العبارات التي يتفوه بها بعكس مكنون شعوره، لذلك ينبغي للأبويين ألا يعيراها  اهتماماً كبيراً، لأنه قد يترتَّب على ذلك سلبيات عديدة. يرى “ستروم”: أن ما “يبديه الأبوان أحدهما أو كلاهما من برودة في العاطفة إزاء الطفل، أو الإعراض عنه، أو إظهار السلبيَّة نحوه، أو التقريع والتبكيت، كلُّ ذلك مما يترك آثاره السيئة في نفس الطفل. كذلك فإن التدليل وكثرة الاحتضان للطفل، والمبالغة في الحنو عليه دونما داع، سيترتَّب عليه آثار سلبيَّة”، وكما هي الحال في التعامل مع الراشد، فإن من حق الطفل أن يُؤكِّد ذاته، وأن يُفسَح له المجال لأن يظهر القدرة على العناية بنفسه، والأسرة الواعية تعلم أن هذه الممارسات إيجابيَّة فتعززها للاستفادة من أثرها في توسيع خياله.

ولعله من المفيد التذكير بأنه لا ينبغي التشدد بإلزام الطفل بمراعاة العادات والتقاليد الاجتماعيَّة بدقة، وإنما ينبغي لنا أن نكون مرنين في أثناء تطبيقها على الطفل، لأن خطأ الطفل قد يكون غير مقصود، وإنما هو ناتج من عدم دقة في التعبير

أهمية تأكيد الذات:

يكتسب الطفل خبراته المحدودة عبر تفاعله مع البيئة المحيطة به، وبهذا تتوثق روابطه الاجتماعيَّة، وكلما تقدَّم به العمر نما جسمه وتطور عقله، وبدأت معالم شخصيته تظهر، وأركان شخصيته تثبت، وذلك بتخطيط من الوالدين اللذين يعملان على تعزيزها لتكون له أحاسيسه وآماله وسائر عناصر كيانه الخاص به. ولتأكيد هذه الحقيقة فقد قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: “كل مولود يولد على الفطرة، ثم أبواه يهوّدانه أو يمجسانه أو ينصرانه” وهذا الحديث الشريف يبرز دور الأسرة في تأكيد ذات الطفل، وذلك بتأسيس البيئة الملائمة التي تساعده على تطوير مداركه وتفتح حواسه، والذي يستطيع من خلاله اكتساب المهارات التي يحتاج إليها.

والأسرة الواعية تهيئ الأجواء الملائمة للطفل لكي ينشأ متحرراً من أحاسيس الخوف والقلق والتوتر والتردُّد؛ وذلك بتوفير جو من الاستقرار النفسي الذي يتولد عن عواطف الأمومة والأبوة المشحونة بالحب والحنان والمغلّفة بالهدوء والطمأنينة.

وحنان الأم غاية في الأهمية للطفل، ولهذا فقد جعل النبي محمد صلى الله عليه وسلم الولاية على الطفل من حق الأم، وقد أثبتت الدراسات الحديثة أنّه لا شيء يعوّض من حنان الأم المفقود، وأن الأطفال الذين حُرموا من هذا الحنان معرضون للانحراف، لذلك فإن الأسرة الواعية تحرص على تسليح الطفل بالقيم منذ نعومة أظفاره، فتربيه على الصدق والأمانة وسائر الأخلاق الحميدة، وتنفره من الكذب والخيانة وسائر الصفات المذمومة.

و يريد الطفل في السنة الثانية أن يستأثر بكل شيء لنفسه، ويتطلع إلى فعل كل ما يحلو له دون تدخل من أحد، وهذه الخاصية تنمي لديه الشعور بالاعتماد على النفس، وتساعده على تأكيد ذاته. كما أن عناد الطفل ورفضه للأوامر في هذه المرحلة يسعده ويثلج صدره. لذلك ينصح الخبراء بعدم محاولة إجباره على فعل شيء لا يريد هو فعله، إلا إذا كان فعل هذا الشيء نقطة حمراء لا يمكن السكوت عن تجاوزها، ففي هذه الحالة يُنصح الأهل باللجوء إلى المديح المدروس، وإقناعه بالترغيب وليس بالترهيب. ويظل هذا دأبه حتى يجتاز السنة الثالثة، حيث يأخذ بالتخلي عن أنانيته، ويقبل مشاركة الآخرين له في بعض الأشياء.

ومن ممارسات الأطفال في سن ما قبل الثالثة أنهم يخاطبون الدمى التي يلعبون بها، وكأنها مخلوقات حية نابضة بالحياة، ولا ينبغي زجر الطفل عن هذه الممارسات وأمثالها، لأنها تساعد على توسيع خياله مع ملاحظة أن هذا الخيال قد يصور له مواقف تسعده أو تزعجه.

وفي السنة الثالثة أو الرابعة يتطلع الطفل إلى أن يلفت الانتباه إليه، وإثبات شخصيته بالعناد وعصيان الأوامر. ومن الممارسات التي توقف عندها علماء النفس ما يأتي:

كثرة الأسئلة:

فُطر الأطفال على حب طرح الأسئلة؛ فهي وسيلتهم للتعلُّم، فما يكاد الطفل يتعلَّم الكلام حتى يصب في أذني والدته، أو المحيطين به، سيلاً لا ينتهي من الأسئلة، وقد يكون بعض هذه الأسئلة محرجاً تحتار الأم في كيفيَّة الإجابة عنها، وأحياناً يكرر الطفل السؤال الواحد أكثر من مرة، إمَّا لأنه لم يفهم الإجابة، وإمّا لأنه لم يجد سؤالاً آخر يطرحه، وإمّا لأنه يشعر بقلق ويريد أن يتخلص منه، وفي جميع هذه الحالات ينصت الطفل إلى الإجابة باهتمام، محاولاً الفهم أو توليد سؤالٍ آخر يتعلَّق بالموضوع.

لكن كيف تتصرف الأم إذا وجّه إليها طفلها سؤالاً محرجاً؟ بالتأكيد إن الأم الواعية لا تنهر طفلها ولا تؤنبه، وإنما تحاول الإجابة عن سؤاله بحذر ودون إسهاب، لأنه لا يستطيع أن يستوعب كل ما يقال له، وفي أسوأ الاحتمالات تستطيع الأم أن تتهرب من الإجابة بالانتقال به إلى موضوع آخر، يكون أكثر أهمية بالنسبة إليه.

الشغف بالقصص والحكايات:

الأطفال الصغار يحبون الاستماع إلى الحكايات التي تحكى لهم، حتى ولو أعيدت على مسامعهم العديد من المرات، وهو يتقبَّل كل ما يقال له، ولا ينبغي أن تضجر الأم من مجاراة طفلها، بل تحرص على تربيته بالقصص الحافلة بالقيم، والتي تنتهي بانتصار الخير على الشر، كما لا ينبغي للأم أن تتهرب من رغبات طفلها في التعلُّم من خلال القصص بحجة أنها مشغولة.

الغيرة:

ومن سمات الطفل الغيرة، فهو يغار من أخيه الأصغر، لاعتقاده بأنه سلب اهتمام والديه منه، وقد يحاول أن يؤذيه أو أن يقوم بممارسات لاستعادة الاهتمام المفقود، وقد يغار من أبيه لأنه أخذ أمه منه، فتراه يحاول أن يفصل بينهما في السرير. ومن الممارسات التي تثير الغيرة في نفس الصغير الموازنة بينه وبين أخوته، وهذه الموازنة تولد الغيرة في نفسه، وتشعره بكراهية إخوانه، وتنشأ الغيرة في نفس الصغير عندما تنجب أمه مولوداً جديداً، أو حتى عندما تحمل أمه طفلاً آخر من أبناء الجيران، فإنه يشعر بضعف اهتمام والدته به لوجود منافس له.

كراهية الاستحمام:

النظافة مهمة جداً للطفل، ويمكن أن تكون ممتعة له إلا إذا سلكت الأم سلوكاً خطأً، كأن تصب على طفلها ماء ساخناً أو بارداً بدرجة تؤلم الطفل، أو إذا استعملت صابوناً يؤلم عينيه، فإنه في هذه الحالة سيمتعض وسيقاوم، وإذا ما حاولت أمه إجباره على تقبل ذلك، فإنها قد تصيبه بعقدة تجعله يكره الاستحمام. وكي لا يتبول الطفل على نفسه، فإنه من المهم أن تشجعه أمه على دخول المرحاض في أوقات معينة. وأما عن مسألة عدم التحكُّم بالبول ليلاً، فهذه مسألة يرى الخبراء بأنها لا تستدعي قلقاً إذا كان الطفل في سن هو دون الثالثة، وإن كان من المفيد عرضه على طبيبه للتأكد من عدم معاناته أي حالة مرضيَّة.

ممارسات سلبيَّة:

هناك بعض الممارسات التي تصدر عن المربية أو عن أحد الوالدين بقصد أو من دون قصد، ولكنها تلحق بنفس الطفل أذىً كبيراً، ويجدر بهم أن يتنبهوا لها ويحذروها. فما أهم هذا الممارسات؟

الحكايات الخرافية:

إذا كانت تتعلَّق بالجن أو بالغول أو بما شابه ذلك من مخلوقات، وهي من العادات الضارة التي قد تولد لدى الطفل قلقاً، وتجلب له المخاوف التي تقلقهُ فيجفوه النوم في الليل. ومن الأسباب التي تسبب الأرق وسوء التكيُّف للطفل، الخوف من الظلام، أو من الشخصيات الشريرة التي قد يكون سمع عنها في الحكايات الخرافية، أو نتيجة للغيرة، أو لقلة اهتمام أسرته به. وعلاج هذه القضية يكون بإزالة كل هذه العوامل المسببة للقلق والتوتر.

إكراه الطفل على معاشرة الناس:

أحياناً يكون الطفل انطوائياً، يخجل من الناس ويتوارى منهم، وعلاج هذه المشكلة لا يكون بإجبار الطفل على الاختلاط بالناس، فإن الضغط عليه قد يجعله يتمادى في انطوائه. لذلك فإن التعامل وهذه القضية يكون بالصبر عليه، وتركه على حاله، والأيام كفيلة بأن تجعله يألف الناس تدريجياً ويغدو اجتماعياً.

إكراه الطفل على تناول الطعام:

من الأطفال من يشغله اللعب عن الطعام، فتقلق أمه على صحته، وتحاول إطعامه فيرفض وتصر عليه، فيتمادى في رفضه ويزداد عناده، وخصوصاً إذا كانت تريده أن يأكل طعاماً هي تختاره له. فلا تشتهيه نفسه، فتظن أنه مريض وتشرع تستشير الجارات، وربما تفكر بعرضه على طبيب، وُيعجب الطفل شدة اهتمام أمه به، فيجد متعة في الامتناع عن تناول الطعام ليظل يحظى بهذا الاهتمام. والحل الأفضل الذي ينصح به الخبراء لهذه المشكلة، هو أن تسأل الأم طفلها عن الأكلة المحببة لديه؟ وهو بالتأكيد سيجيبها، لأنه يكون بذلك قد حقق ذاته باعترافها له بحق الاختيار.

كثرة التأنيب والتوبيخ:

أو اللجوء إلى الضرب لأتفه الأسباب، فكثيراً ما يُضرب الطفل وهو لا يدري لماذا ضرب، فيتعود الاستكانة أو التمرد، وربما يصاب بخمول يلحق الأذى بصحته العقليَّة. كما أن زجر الطفل ونهره بصوت مرتفع إذا صدر عنه أي فعل غير عادي، كأن يُشاهد وهو يلعب بسرته أو بأنفه أو بأعضائه التناسلية، يمكن أن يهز بناءه النفسي، لذلك فإنه يجدر بالأهل صرف الطفل عن مثل هذه الأعمال بالحسنى، كأن يلبسوه ثياباً تحول بينه وبين اللعب بالسرة، أو يعطونه شيئاً يلعب به ليشغل يديه بشيء آخر.

العقاب أمام الآخرين:

إذا أخطأ الطفل فإن من واجب الأهل أن يلفتوا نظره إلى أنه قد ارتكب مخالفة، وأن هذه المخالفة تستدعي العقاب إن هو كررها، فإذا أراد الأب أن يعاقب ابنه، فإن من الأهمية بمكان ألا يفعل ذلك على مرأى من الآخرين، وأن يكون الجزاء على قدر الذنب، ومحدوداً إلى أبعد الحدود، وإلا فإن الطفل يمكن أن يتبلد ذهنه

فرض رغبات الكبار عليه:

إن استشارة الطفل في مسألة تخصه تدخل السعادة إلى نفسه، وهذه الاستشارة تعزز نموّه النفسي، إذ يتدرب على إبداء الرأي واتخاذ القرار، فإن استشارة الطفل في أمر شراء حذاء له مثلاً تكسبه تجارب فيما يتعلَّق بالبيع والشراء، وبمحاورة التاجر، وإن عدم استشارة الطفل في شراء شيء يخصه، يمكن أن يجعله ينفر من ذلك الشيء ويكرهه حتى ولو على سبيل العناد.

الإفراط في التدليل:

إن الطفل المدلل إلى درجة الإفساد، أو الذي ينشأ في بيئة تسودها الخلافات والصراعات المحتدمة بين الأب والأم، قد يصبح عصبياً سريع الغضب، إذا أغضبه أحد فإنه يرتمي أرضاً ويرفس بقدميه، أو ينطح الجدار برأسه، ليجبر أهله على تلبية طلبه، فإذا حققوا له ما يريد، فإنما يكونون بذلك قد عززوا سلوكه الخطأ، فيلجأ إليه كلما خطر له طلب، والحل الناجح لهذا السلوك العصبي، هو أن يتجاهلوه تماماً، ولا يلتفتوا إلى ما يفعل، فإنه إذا لم يجد فائدة من فعله، فإنه سيتوقف عنه لعدم جدواه. وهكذا فإن حاجة الطفل إلى اهتمام الأهل به لا يجوز إشباعها بطريقة عشوائيَّة غير منضبطة، لأنّه من الخطأ أن يحصل على كل شيء يطلبه، فكثرة التدليل تفسده.

الخلافات الزوجية:

إن خروج الأم من البيت بسبب خلاف أو سوء تفاهم مع الأب، قد يصيب نفس الصغير بتعقيدات خطيرة، ويترك عليها آثاراً سلبيَّة، قد تجعله ينشأ خائفاً تائهاً لا يشعر بالأمان.

ممارسات إيجابيَّة:

وكما أن الممارسات السلبيَّة تلحق الأذى بنفس الصغير، فإن هناك العديد من الممارسات الإيجابيَّة التي تغذي وجدانه، وأهم هذه الممارسات:

السماح له بممارسة الهوايات المفيدة:

ومن الهوايات التي تساعد على تنمية خيال الطفل ممارسة الرسم والتلوين والقص واللصق، لذا ينبغي للأهل وعلى المُعلِّمين، أن ينظروا إلى هذه الممارسات بعين الجد، وأن يشجعوا الأطفال على ممارستها.

تعزيز نجاحات الطفل وتشجيعه:

ويمكن إشعار الطفل بالمحبة بتوجيه عبارات الثناء عليه، لتعزيز الأعمال الطيبة التي يقوم بها. ويشعر الطفل بالحبور عندما يشعر بأنه قد تعلَّم شيئاً جديداً، أو أتقن مهارة جديدة، ويستطيع المراقب أن يلاحظ مدى سعادته عندما يخطو خطواته الأولى بمساعدة والدته أو أحد أفراد أسرته.

تفريغ غضبه وتفريج كربه بالتسامح:

وعدم توجيه النقد إليه أو التهكم به والسخرية منه، والتقليل من شأنه، وتوجيه اللوم إليه أو إبراز سلبياته على مسمع ومرأى من الآخرين.

تعويد الطفل الاعتماد على نفسه:

بعد سن الرابعة، كأن يُطلب إليه أن يلبس ويخلع ملابسه بنفسه، إن هذه الممارسات البسيطة تشبع الأنا لديه، وتهبه شعوراً لذيذاً بالاستقلاليَّة، وتنمي لديه الشعور بالمسؤوليَّة، وتحفزه إلى السعي لتعلم مهارات جديدة.

خاتمة:

فإذا استطاعت الأسرة أو المربية في المدرسة أن تتعرَّف على الطفل، وأن تتفهم حاجاته العاطفية، فتتعامل وإيّاها بإيجابيَّة وسعة صدر، وأن تجتنب الممارسات السلبيَّة التي قد تسبب له القلق، وأن تعزز نجاحاته التي يحققها، فإنها تكون بذلك قد أهلته لينشأ شاباً متزناً قادراً على التعامل وقضايا الحياة، واتخاذ قرارات صائبة وحاسمة بشأنها، وعلى خدمة أمته، والدفاع عن وطنه عندما يغدو رجلاً.

 ______________

المستشار: فؤاد الحمد

 

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم