الأحد 10 نوفمبر 2024 / 08-جمادى الأولى-1446

إفشاء أسرار الزوجية يزعزع استقرارها



إفشاء أسرار الزوجية يزعزع استقرارها .

http://t3.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcQUZZ-HPdA_ZK73gHK2xgbQTD_5zACDcGibtnzGYwYbRraqvwfK
د. حمد بن عبد الله القميزي . 

جاءت التعاليم الربانية والتوجيهات النبوية والمبادئ التربوية والاجتماعية السليمة بما يحفظ كيان الأسر المسلمة ويزيد متانة روابطها وتماسك أفرادها، لتبقى العلاقات الأسرية سامية سالمة من الأمراض المعنوية والمشكلات الأخلاقية والأحداث المؤلمة المبكية، 

ومن ذلك الأمر بستر وحفظ أسرار الزوجين والنهي عن كل قول وفعل يجلب لهما ضرراً أو يمنع عنهما نفعاً.

والأسرار الزوجية .. 

هي جميع الأحداث والمواقف والأحوال وما يصاحبها من أقوال وأفعال داخل عش الزوجية ولا يرغب أحد من الزوجين أن يعرفها غير شريك حياته، وهذه الأسرار الزوجية قد تكون إيجابية – أسرار حسنة – أو سلبية – أسرار سيئة -، 

 
والأسرار الإيجابية عندما تفشى وتذاع للآخرين فإنه قد يتولد في نفوس بعض السامعين ما لا تحمد عقباه من حسد أو حقد أو كره ومكر، ولأن هذه العواقب تحدث حقيقة في نفوس بعض البشر فقد حذر يعقوب عليه السلام ابنه يوسف عليه السلام من إخبار إخوته بالرؤية التي رآها،  

قال تعالى: {قَالَ يَا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ}،فالرؤيا حسنة والموقف إيجابي ومع ذلك أوصى يعقوب يوسف عليهما السلام بعدم إفشائه حتى لإخوته لكي لا يحدث شيء من تلك العواقب السيئة، وقد قيل: ما كل ما يعلم يقال وما كل ما يقال يقال في كل الأحوال ولكل الناس. 

 

وقد تكون الأسرار الزوجية سلبية –  

إما خُلقية أو خَلقية – وعندما تفشى هذه الأسرار يقع المتحدث بها أولاً في الغيبة التي حرمها الله عز وجل وتوعد عليها رسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: {وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً}،  

وقد توعد الرسول صلى الله عليه وسلم الزوجة التي تفشي أسرار الزوجية الخاصة بوعيد شديد، ففي الحديث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها) “رواه مسلم”، قال الصنعاني – رحمه الله -: أي وتفشي سره، فالناشر سواءً كان زوجاً أو زوجة من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة. 

 

ومن أبرز أسباب إفشاء الأسرار الزوجية: 

عدم قدرة أحدهما على الصبر لما يعانيه من مشكلات وأزمات في أسرته، مما يدفعه إلى إفشائه إما بحثاً عن علاج أو تخفيف من ألم الكتمان،  

ومنها كذلك قلة العقل والدين، فالعقل السليم يمنع الإنسان من التحدث بأي حديث قد يجلب له ضرراً أو يدفع عنه خيراً، والدين يردعه من كل قول وفعل لا يرضاه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم،  

ومن الأسباب كثرة الخلطة بالآخرين، فعندما يجلس الزوج أو الزوجة مع الآخرين فترات طويلة فإنه لا بد أن يحدثهم ويحدثوه وتحدثهم ويحدثوها فيكثر الكلام حتِى يصل إلى تلك الأسرار الخاصة،  

ومنها كذلك عدم جلوس الزوجين مع بعضهما البعض كثيراً، حتى يتكلم كل منهما للآخر بما في نفسه أو يود قوله، مما يجعل أحدهما يضطر للحديث عن ما في نفسه إلى الآخرين،  

 

ومن بين الأسباب الكبر والغرور، الذي يدفع الإنسان إلى التباهي بما يملك وما لا يملك والحديث به أمام الآخرين، وقد وصف الحكماء من يفشي أسراره بأنه ضيق الصدر قليل الصبر،

قال الشاعر: 

إذا المرء أفشى سره بلسانه ولام عليه غيره فهو أحمق . 

 

كما أن الرجال يفضلون المرأة الكتوم التي لا تفشي سراً أو تنقل كلاماً، قال جرير يرثي زوجته في عفافها ومحافظتها على أسرار بيتها:كانت إذا هجر الخليل فراشها خزن الحديث وعفت الأسرار . 

 

إن نقل أسرار العلاقة الزوجية – أسرار البيت – خارج نطاق الأسرة الزوجية يعني ازدياد اشتعال نارها، وإضرام نار العداوة والبغضاء بين الزوجين إضراماً يذهب بما بقي من أواصر المحبة بينهما، وكتمان الزوجين سر بيتهما يعقبه السلامة، وإفشاؤه يعقبه الندامة، وصبرهما على كتمان السر أيسر من الندامة على إفشائه. 

 

أخيراً:  

إن على الزوجين التواصي دائماً بما فيه صالح حياتهما الزوجية، ومن ذلك التواصي بحفظ أسرارهما العائلية وعدم نقلها خارج عش الزوجية، لأن حفظ أسرار الزوجية من أهم عوامل نجاحها واستمرارها. 

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم