الإجازة الصيفية … نصائح ومحاذير .
بقلم: جمال ماضي.
هيا إلى برامج ميسرة وجادة:
بشرط الحرص على استغلال الوقت، بدلاً من تبديد الأوقات، وإضاعة الساعات، وفوق ذلك كله سؤالنا يوم القيامة من رب العالمين.
وأمامنا الكثير من البرامج: حفظ القرآن، واكتساب المواهب، وزيادة الخبرات وتنمية المهارات، وتقوية العلاقات، وتعلم اللغات والكمبيوتر، وتحصيل الأرزاق، والالتحاق بمراكز الشباب، ومدارس الكرة، والأعمال التطوعية، والسفر مع الأهل والأقارب والأصدقاء.
الصيف استراحة المحارب
فلنحذر الآفات:
التي تضيع وقت الإجازة في غير النافع، فويلٌ لمَن ضيَّع الإجازةَ في غير النافع، يقول سفيان الثوري: لا تغبط أهل الشهوات على شهواتهم، ولا ما يتقلبون فيه من النعمةِ فإن أمامهم يومًا تزل فيه الأقدام، أنسوا أنَّ اللَّهَ يعلم سرهم ونجواهم، وأنهم يأكلون من رزقه ويعيشون فوق أرضه، ويستظلون بسمائه، وأن أعمالهم مسجلةٌ ومحفوظة؟!.. يقول تعالى: (يَوْمَ يَبْعَثُهُمْ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (6)) ( المجادلة).
فمن الآفات السهر:
فإنه يقتل الأوقات ويُؤخِّر الطاعات، وعلى رأسها الصلاة، فإضاعة الصلاة دليلٌ على اتباع
الشهوات، واتباع الشهوات هي الطريق لإضاعةِ الصلاة، وتأمل قوله تعالى: (أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ) (مريم: من الآية 59)، قال الحسن: “عطلوا المساجد، واشتغلوا بالأسباب والصنائع واتبعوا الشهوات”.
وإضاعة الصلاة: قيل تركها بالكلية وقيل هو تأخيرها عن وقتها، يقول سعيد بن المسيب: هو ألا يُصلي الظهر حتى يأتي العصر، ولا يُصلي المغربَ إلى العشاء، ولا يُصلي العشاء إلى الفجر، ولا يُصلي الفجر إلى طلوعِ الشمس، فمن باتَ وهو مصرٌّ على هذه الحالة ولم يتب وعده الله بغي- وهو وادي في جهنم-، وكان الحسن يقول: يا ابن آدم أي شيء بقي عليك من دينك، إذا هانت عليك صلاتك، وأنت أول ما تُسأل عليها يوم القيامة؟!.
ومن الآفات الفراغ:
خلو الإنسان من العمل والشغل سلاح ذو حدين، إن استُعمل في الخير كان خيرًا، وإن استُعمل في غيره عاد بالحسرات، وقد أجمل أهل السلف استعماله في الخير بثلاث أمور: سلامة الصدور وسخاوة النفس والنصح للأمة.
والحذر من المسميات العصرية تحت عنوان السياحة، كمصائد لأموال الشباب والعائلات، في مهرجاناتِ العُري وكشف العورات، مع إن كلمة: (السائحون) في القرآن تعني أمرًا مرغوبًا، وهي بريئة مما يصنعه اللاهون، يقول تعالى: (التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنْ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ (112)) (التوبة)، قيل في تفسيرها: أصلها الذهاب على وجه الأرض كما يسيح الماء.
جاء رجل إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وقال: يا رسول الله ائذن لي بالسياحة، قال النبي- صلى الله عليه وسلم-: “إن سياحةَ أمتي الجهاد في سبيل الله”، وقيل بمعنى الصيام، وقيل بمعنى طلب العلم، وقيل بمعنى التفكر في ملكوت الله، وعلى ذلك فالسائحون هم: الصائمون أو المجاهدون أو طلاب العلم أو التفكُّر في ملكوتِ الله تعالى.
كيف نُواجه الفراغ في خطواتٍ عملية؟
من أين يأتي الفراغ؟.. عندما تغيب الاهتمامات الكبرى، ويحل محلها الأمور الفارغة، من هذه النقطة تتسع دائرة الفراغ، وتتمدد مساحة الوقت الضائع، ثم تنحصر في التالي: طعام وشراب ونوم واسترخاء ومتعة وترفيه وتسالٍ.
وفي عصر النبوة واجهت الأسرة هذا السرطان بالعمل والانشغال بالاهتمامات الكبيرة النافعة، فالرجال كانوا في حركةِ الفتوحات والجهاد والحروب، والأمهات في تربية النشء، وتأليف الأسرة، والأبناء في طلب العلم والمعالي، والابتكار والإبداع، فالكل كان في نهضة المجتمع.
فهيا نجعل من أوقاتنا عبادة:
فنستشعر قيمة الوقت، فالوقت هو حياتنا وعمرنا، ونستشعر كأبناء وآباء مسئولياتنا، فإلى كل أب، وإلى كل أم، وإلى كل ابن، وإلى كل ابنة، نُهدي قول النبي- صلى الله عليه وسلم-: “كَفَى بالمرء إثمًا أن يضيع مَن يقوت”، “إنَّ الله سائل كل راعٍ عمَّا استرعاه الله حفظ أم ضيَّع حتى يسأل الرجل عن أهل بيته”.
ويقول تعالى: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ (115)) (المؤمنون)، فمن الأربع
التي يُسأل كل إنسانٍ عنها يوم القيامة: وعن عمره فيما أفناه؟، وما زالت الفرصة أمامنا لاستثمار أوقاتنا، يقول تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (13)) (الأحقاف).
وهذه برامج منوعة للأسرة في صورةٍ جماعيةٍ، تستعين بها الأسر مع فيض تجاربها وجميل برامجها: برنامج الزيارات، وبرنامج القراءة، وبرنامج الرحلات، وبرنامج بناء الذات واكتساب المهارات، وبرنامج الكمبيوتر، وبرنامج الأسرة المتكاملة، وبرنامج دعاة المستقبل، وبرنامج المسابقات، وبرنامج تحفيظ القرآن الكريم، وبرنامج بيت العيلة.
ولنفعل ستة ولنحذر ستة:
– لا بأس من: اللهو المنضبط، وزيارة الآثار، وتغيير الأجواء، والمناطق الخضراء، والتنزه الجميل، والجو البارد.
ولنحذر من: مواقع المعصية، والحفلات الماجنة، وإطلاق البصر، والاختلاط السيئ، والإسراف المذموم، والسهر القاتل.
وبذلك يستطيع كل منا أن يكتشف ذاته في الصيف، من خلال: صقل المواهب، وتنمية الابتكار، واستغلال القدرات، وتعلم الحرف، والرحلات الترويحية.
ما أولوياتك لاستغلال الإجازة؟
كانت النتيجة لإجابات الشباب على هذا السؤال كالتالي:
55.2% التحاق بدورات التحفيظ- 8.12% السفر والرحلات- 12.3% تنمية مهارات-
10% لا شيء- 8.7% البحث عن عمل- 5.9% مراكز لغات وكمبيوتر.
فعلينا من الآن اختيار أولوياتنا، وعلى كل أسرة المساعدة في تنفيذ أولويات الأبناء، ولا ننسَ أن نقضي معًا أحلى صيف!.
________________
المصدر : موقع المختار الإسلامي