الأربعاء 11 ديسمبر 2024 / 10-جمادى الآخرة-1446

الاستشارة واهميتها.



الاستشارة واهميتها.

https://encrypted-tbn1.google.com/images?q=tbn:ANd9GcSwA8FbzibzFxKdu1vtHHfAnlzpuQ2SkjuNbNIeYpyUq7FokfNJ1Q

أ. محمود عبد المجيد أبو العلا.
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
الاستشارة أدبٌ إسلاميٌ عظيم حصل فيه نوع من التفريط بين المسلمين، وهذا الأدب يعكس جوانب من عظمة هذا الدين في ترابط أفراد المجتمع الإسلامي الواحد، وهو كذلك مهمٌ في ضبط الأمور ومنع الفوضى التي قد تحصل نتيجةً لبعض الآراء التي لا تكون ضمن الطريق الصحيح، وكذلك تمنع حدوث كثيرٍ من الكوارث الفكرية وغيرها؛ نتيجة بعض الآراء الشاذة التي لا يخلو منها بعض أذهان الناس.
والاستشارة رسالة سامية نبيلة الأهداف والغايات وقد حثنا الإسلام على التشاور والتناصح بل ومن عظم أمرها أن سمى الله عز وجل سورة من القرآن الكريم بها وهي سورة (الشورى ) وهي ضرورة من ضرورات الحياة يهتدي بها الأفراد الى أفضل وأقصر الطرق لتحقيق رغباتهم .
وتظهر أهمية الاستشارة وعظمتها في أمر الله عز وجل نبيه بالمشاورة في قوله تعالى ” وشاورهم في الأمر” يقول النووي رحمه الله إذا أمر الله بها النبي صلى الله عليه وسلم مع أنه أكمل الخلق فما الظن بغيره. وجاء في السنة عن تميم بن أوس الداري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “الدين النصيحة ثلاثا قلنا لمن يا رسول الله قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم” رواه مسلم.
وقد استقر تعريف العلماء على أن الاستشارة هي طلب المشورة والرأي من الآخرين وهم “أهل التقوى والعلم والخبرة والدراية ” اختصاراً للجهد والوقت والمال من أجل الوصول إلى الهدف المنشود.
وتظهر مكانة الشورى في الإسلام من خلال اقترانها بأوصاف المؤمنين الصادقين في قوله تعالى ” والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم” هذا يدل على جلالة موقع المشورة لذكرها مع الإيمان وإقامة الصلاة .علاوة على كونها السبيل لاستقرار الأسرة المسلمة وائتلافها قال تعالى “فإن أرادوا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما” وجوب التشاور حول فطام الرضيع فما بالنا بجميع ما يخص الأسرة من الأمور المعيشية والمالية والتربوية والتعليمية وغيرها .
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر الناس استشارة لصحابته في الأمور كثرة تدل على مدى حرصه عليها والاهتمام بها وبفضلها وليُعَلِّم المسلمين من بعده الحرص على القيام بها،
فقد روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قوله: “ما رأيت أحداً أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله صلى الله عليه وسلم”. وقد شاور النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة في الغزوات وفي صلح الحديبية وكذلك فعل الخلفاء الراشدون من بعده وكذلك علماء المسلمين من بعدهم وأفردوا لها أبوابا وكتبا في مصنفاتهم.
ولما كانت مجالات الحياة الآن قد اتسعت الآن وأصبح لكل مجال علمه والمتخصصين فيه كما أن القوانين قد كثرت الآن و تشابكت و تعقدت لدرجة انه يصعب على الإنسان العادي والذي يفترض فيه العلم بالقانون يصعب عليه فهمها أو حتى استخلاص مضمون القواعد القانونية منها ..
فكم من حقوق ضاعت في ساحات المحاكم , و كم من الناس أهدروا أعمارهم في السجون بسبب خطأ واحد كان يمكن تداركه و هو استشارة أهل الخبرة والاختصاص قبل الإقدام على أي عمل أيا كان نوعه فالقوانين أصبحت تتدخل في كافة مناحي الحياة و ما من مسلك إلا و يحكمه قانون أو أكثر.
وتبقى كلمة ( نحن نستشير كثيرا عند شراء السيارة أو المنزل أو العطر أو غيرها فكيف وهي أمور هينة ويمكن تدارك آثارها فكيف نستخف ولا نستشير في أمور الزواج والأسرة والتربية وهي أمور عظيمة تقوم عليها حياة الإنسان )
تصميم وتطوير شركة  فن المسلم