فكم من الأوقات التي نقضيها معهم بقصد التعرف عليهم عن قرب، والتعرف على مشكلاتهم، وما يواجهونه من صعوبات، نخرج برفقة أحدهم نمشي سويا نستمع لهم بكل إحساس، نبادلهم المشاعر، ننظر في عيونهم، ندرك ما يريدون قوله، ونتقبل ذلك بكل عاطفة صادقة، نضع أنفسنا بذلك الموقف الذي يمرون فيه، نخاطبهم بلغة الأب الحنون ونحن نضمهم بين ذراعينا، ونهمس في أذانهم، مبتسمين، لا تقلق يا ولدي، أنت بأمان.
نشجعهم، نبني في دواخلهم ثقتهم بأنفسهم، نقدر مجهوداتهم التي يبذلونها، وليس فقط نتائج هذه المجهودات، يقيم أحدنا حفلا خاصا بسيطا ( غداء، تناول حلوى، رحلة برية ) لأن ابنه فلان بذل جهدا رائعا في مجال ما، والثاني أبدع في كذا، والثالث كان له حضوره المميز في البيت. . . وتصرفنا بكل ثقة وسعادة معهم، تبادلنا الحديث، قدمنا لهم النصح والمشورة والرأي بأسلوب حضاري، هادف وبناء، ابتعدنا قليلا عن العتاب واللوم والصراخ، واستبدلنا ذلك بالتوجيه، والرفق واللين،
أشعرهم بأنني تعلمت منكم أيها الأحبة أجمل المعاني وأسماها وأنتم تبادلونني هذه الضحكات والابتسامات الرائعة، نشعرهم كم نحن فخورين بأننا آباؤهم، وأنهم أبناؤنا، نحترم قراراتهم ووجهات نظرهم، نرافقهم إلى الأسواق دونما فرض عليهم ماذا يلبسون، وأي شيء يختارون، نلعب معا، نرسم نلون، تتسخ أيادينا بألوانهم كما هم، نسمع منهم عن أصدقائهم ومدرسيهم وما هي المواد التي يحبونها والتي يواجهون فيها صعوبة، وكيف نواجه تلك الصعوبات، بذلك يشعرون أننا معهم، وأنهم ليسوا وحيدين، نصغي لهم باهتمام ونترك كل ما بأيدينا عندما يحدثوننا، نداعبهم ليشعروا بالأمان والاطمئنان، نقبلهم عند ذهابهم للنوم، وإذا حضرنا إلى البيت وهم نائمون فلنلقي نظرة عليهم،
وما أجمل أن نضع جنب كل واحد منهم قطعة حلوى أو مصروفه لليوم التالي. . أو ورقة صغيرة مكتوب عليها ( أحبك، اشتقت لك. . . . )،
ونبدأ معم صباح اليوم التالي بكل طلاقة وجه وأريحية في السلوك، ندربهم على ممارسة مهارات حياتية تنمي لديهم الثقة وتجعلهم أكثر قدرة على الإبداع، وعلى التواصل، تجعل منهم قادة فكر، وأصحاب قدرة وقرار، مفعمين بالطاقة والحيوية، منفتحين ليس بيننا وبينهم حواجز، مما يجعلنا أكثر فهما لهم، ووعيا بقدراتهم ومواهبهم، نحتضنهم في كل يوم، نشعرهم بدفء العلاقة، نربت على أكتافهم، ونحن ننظر في أعينهم.
داعيا العلي القدير أن يجعلهم ذرية صالحة.