الأربعاء 11 ديسمبر 2024 / 10-جمادى الآخرة-1446

الحب أفعال لا أقوال.



الحب أفعال لا أقوال.
http://t0.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcT-3qY077AHud6ub-YdU-x2cSDc_TjgVcIE7EdLkXWtyNwrA6EZ_d8RkmTmoQ

اتفقنا سابقًا أن الرجال والنساء يختلفون في كل شيء؛ {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى} [آل عمران: 36]، وكذلك الحال هنا حتى في الحب، وفي الحاجات العاطفية والودية.

فالرجل يحتاج (إلى الحب الذي يحمل معه الثقة به وقبوله كما هو، والحب الذي يعبِّر عن تقدير جهوده وما يقدمه، بينما تحتاج المرأة إلى الحب الذي يحمل معه رعايتها وأنه يستمع إليها، وأن مشاعرها تُفهم وتُقدر وتُحترم)[التفاهم في الحياة الزوجية، د.مأمون مبيض، ص(21)].

فاعلم أخي الزوج أنه بالنسبة للمرأة لا شيء أهم من المشاعر، فإدخالها في مشاعر إيجابية يعني أنك تعرف كيف تدير “سيكولوجيتها”، والمصدر الأول لأمان المرأة هو حب الرجل الحقيقي، فإذا شعرت بحب زوجها اطمأنت.

والرجل قد يختلف عن المرأة في هذه النقطة، فالحب عنده أفعال، وقد يهمل التعبير عن المشاعر، ويظن أن ذلك لن يسبب مشكلة لشريكة حياته المتلهفة لسماع كلمة حب رقيقة منه.


إن المرأة تكون بحال جيدة حينما تشعر أنها محبوبة، وحينما تكون علاقتها بشريك حياتها على ما يرام، (أما حين تشعر أنها غير محبوبة، أو بأنها غير ذات أهمية، وأنها وحيدة؛ فإن كل تلك العوامل سموم، تحطم روح الأنثى في قلبها، ولذلك فإن من جوانب السرور التي يستلطفها النساء معرفة مكانتها عند الأزواج، والتعبير عن مشاعرهم تجاههن، وإلحاحهن في طلب ذلك، والتأكيد عليه والشوق إلى سماعه مرارًا وتكرارًا دون ملل) [حتى يبقى الحب، د.محمد محمد بدري، ص(248)].

وتخيل معي وقع كلمات الحب لدى زوجتك؛ تطمئن على مكانتها عندك، وتبذل لك الغالي والرخيص لراحتك وسعادتك، لأنها ترى العواطف والمشاعر شيئًا هامًّا، وترى أن الله لم يخلق لنا العواطف إلا لنتبادلها ونتعامل بها، فافتح كنوز عواطفك وأعطها من مشاعرك ما يؤكد حبك، ويرضي قلبها ونفسها.

فكما أن المال جعله الله ليتداول بين الناس لا ليكنزوه، فكذلك كنوز العواطف التي تملكها في قلبك لزوجتك ولا يصل منها إليها ما يكفيها، ولهذا لا يقنعها ملكك لها وكنزها في قلبك، بل ستُشَكِّك في وجودها عندك، فأنفق من كلماتك تسعد قلب شريكة حياتك.


لا خيل عندك تهديها ولا مال فليُسعِد النطقُ إن لم يسعد الحال

فيمكن أن تذكر لزوجتك أنك معجب بابتسامتها، أو طريقة تعاملها، وتُسمِعها مثلًا: (إن السرور يشملني لأنني معكِ)، (أنا أسعد إنسان لأنكِ زوجتي)، (أنتِ أجمل امرأة في الكون)، (لا أبالي ما دمتِ زوجتي في الجنة إن شاء الله).

فالمرأة أيها الزوج الفاضل تحتاج منك إقرارًا بأنها (أهم امرأة بالنسبة لك، أنها أول أولوياتك، أنك فخور بها، أنك لا تستطيع أن تتحمل فراقها، أنه لا يوجد امرأة في العالم مثلها، وأنك تحبها ولابد أن تخبرها بذلك دائمًا) [كيف تكسب محبوبتك، د.صلاح صالح الراشد، ص(43)].

وأما بالنسبة إلى الرجل؛ فالحب عنده له شكل مختلف، هو يحتاج إلى الحب وإلى المشاعر ولكن بطريقة مختلفة عن المرأة، فالرجل أهم ما يحتاجه هو قبوله كما هو، والحب الذي يحمل معه الثقة، والحب الذي يعبِّر عن تقدير جهوده وما يقدِّمه.


وأن تتقبل المرأةُ الرجلَ يعني أنها تقبله وترضاه كما هو دون محاولة تغييره، فهي عندما تفعل ذلك يشعر أنه مقبول، وهي عندما تحاول تغييره؛ فإنه يشعر بأنه غير مقبول عندها، وبالتالي فهي لا تحبه.

ومن العبارات التي يمكن أن تؤكد بها الزوجة أنها تقبل زوجها: (أنا سعيدة جدًّا بأنك هكذا، لا أريدك أن تتغير).

وهذا يستلزم طبعًا: عدم انتقاده باستمرار، أو توجيه تعليمات مستمرة، وعدم البحث عن نقاط ضعفه، وعدم تعييره بأخطائه.

وحين يشعر الرجل أنه مقبول؛ فإنه من السهل عليه جدًّا أن ينصت للمرأة، وأن تثق المرأة بالرجل يعني أنها تؤمن بأنه يفعل ما بوسعه، وأنه يريد الأفضل لزوجته، فهو يجتهد وهي تثق باجتهاده، وعندما تثق المرأة باجتهادات زوجها وقدراته ونواياه، فسيكون رد فعل الزوج أن يحبها؛ وبالتالي فهو يُبدي الاهتمام بمشاعرها تلقائيًّا.

فينبغي أن تقول الزوجة بلسان الحال والمقال: (ثقتي بك كبيرة)، (أنا أعلم أنك قادر على فعل كذا)، (سترى أنك ستنجح في فعل ذلك) …، وغيرها من عبارات الثقة.


بريق العيون:

فعلًا من يفتقدون الحب في العلاقة لا تجد لعيونهم ذلك البريق المعبِّر عما يجيش بالصدور من محبة، أما من ساد الحب أجواء حياتهم الزوجية؛ فستلحظ فيها حتمًا ذلك البريق.

إننا عندما نحب (نتحول نحو الأفضل، يلمع بريق الحب في عيوننا، وتغمرنا السعادة، تعلو وجوهنا الابتسامة، ونكون لطفاء إلى أبعد الحدود في تعاملنا مع شريك الحياة، ونصبح أكثر رفقًا به، نصير أكثر قدرة على العمل والإنجاز، وأكثر سعيًا نحو أهدافنا) [بلوغ النجاح في الحياة الزوجية، كلوديا أنكمان، ص(251)، بتصرف].


اعتراف وإقرار:

سُئل الرسول صلى الله عليه وسلم: أي أحب الناس إليك؟ فقال اسم امرأة، قال: (عائشة)، قيل له: من الرجال؟ قال: (أبوها) [متفق عليه]، لم يجد النبي صلى الله عليه وسلم حرجًا من البوح بمشاعر الحب تجاه زوجته وحبيبته بنت الصديق رضي الله عنهما.

وتخيل معي لفتة الحب في مشهد صعب كمشهد وفاة الرسول، قالت عائشة: (تُوفي النبي صلى الله عليه وسلم في بيتي، وفي نوبتي، وبين سحري ونحري، وجمع الله بين ريقي وريقه) [رواه البخاري].

وانظر إلى روعة المحبة من عائشة لرسول الله، فقد سُئِلت: (حدثينا بأعجب شيء رأيتيه من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فبكت وقالت: قام ليلة من الليالي، فقال: (يا عائشة، ذريني أتعبد لربي)، قالت: قلتُ: والله إني لأحب قربك وأحب ما يسرك، قالت: فقام فتطهر ثم قام يصلي …) [صححه الألباني في السلسلة الصحيحة، (68)].

فالزوجة دائمًا تنشد أن يعترف زوجها بحبها أمام الناس، وتفتخر بأنها مليكة قلبه، وكذا الرجل يبادلها ذلك المطلب وهذا الشعور.


روعة الحب:

ونجد في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم مشاهد تعبِّر عن روعة الحب في حياة الزوجين الرائعين؛ الرسول صلى الله عليه وسلم والسيدة عائشة.

فكان صلى الله عليه وسلم (يقرأ القرآن في حجر عائشة، ويلعق أصابعها بعد الأكل، ويغتسلا سويًّا في إناء واحد، ويتسابقان خلف القافلة حيث لا يراهما أحد، ويدللها ويناديها: (يا عائش) [متفق عليه]،

كيف نصف هذه الحظات؟

إنها لحظات من الحب النادر، لم تمنعه أعباء الدعوة ولا تبعات الجهاد، ولا مكر الأعداء ولا الوقوف الدائم بين يدي الله، من أن يتفنن صلى الله عليه وسلم في إظهار مشاعره في كل لفتة أو همة) [حتى يبقى الحب، محمد محمد بدري، ص(314)].

وهكذا يريد كلٌّ من الزوجين من شريكه، يريد أن يترجم الحب إلى واقع عملي، ليس مجرد كلمات وشعارات؛ لأن العمل والسلوك هو المعبِّر الحقيقي عمَّا تكِّنه النفس من محبة.


_____________________________

المصدر : موقع ناصح للسعادة الأسرية .

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم