الأحد 06 أكتوبر 2024 / 03-ربيع الثاني-1446

الحياة مغامرة جريئة



 الحياة مغامرة جريئة


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين ..أ نا شاب في غرة 33 من عمري موظف في شركةمن اكبر الشركات في المملكة اتقاضى راتب ممتاز جداً، متزوج ولدي 3 اطفال ،، احمل الدبلوم العالي في الهندسة الكهربائية
مثابر ومواظب بشكل عالي في وظيفتي ودائماًولله الحمد ماأتفوق على زملائي ،،،ولكني انسان طموح جداً ، واحياناً اعتبر هذا الطموح عيب فيني .. فأنا لست راضي عن وضعي الحالي ، فأنا اريد المزيد وأريد ان امضي بعيداً ..فلذلك انا افكر الآن في ترك وظيفتي والذهاب الى الخارج لاكمال دراستي والحصول على شهادة الهندسة الكهربائية ،،

ولدي مبلغ قد يكفيني لمدة سنة انا وأهلي ، ولكني سأقوم بتدبير نفسي بإذن الله وكل هذا يهون في سبيل تحقيق طموحي …ولكني الآن محتار ومحتار جداً ، هل ابقى في وظيفتي ، ام اذهب لإكمال دراستي ..فالقرار صعب وصعب جداً ، ويجب على ان ادرسه من جميع النواحي
ولذلك طلبت منكم المشورة ومثلكم يؤخذ
برأيه تقول هيلين كيلر ( الحياة إما أن تكون مغامرة جريئة أو لاشيء ) …ودمتم بود
اسم المستشير عبدالله.
                  
رد المستشار  :  أ. فؤاد بن عبدالله الحمد
                      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخي أباعبدالله وأسعد الله كل أيامك وبارك فيها.

أشكرك أخي الكريم على زيارتك موقع المستشار, كما أهنئك على هذه الروح الطيبة, وتلك المثابرة المباركة, وشعورك تجاه نفسك وتنميتها وهذا يظهر من رسالتك بشكل جلي فجزاك الله كل خير.

الوقفة الأولى :
أخي الحبيب : لا شك أن كل إنسان في هذه الحياة يسعى ويجتهد, ويبذل الغالي والنفيس لكي يعيش حياة كريمة له ولأسرته. هذا مطلب شرعي وعقلي.!
وبما أننا نتحدث عن الطموح والحياة الكريمة, وكيف يتأتى ذلك… فإننا بلا أدنى شك سوف نتحدث عن مبدأ مهم من مبادئ الحياة! ألا وهو ـ الأولى أولاً!! نعم… أريدك أن تسأل نفسك: ما الشيء الأولى أولاً في حياتي!! لا بأس خذ كامل وقتك ولا تستعجل الإجابة! الأمر يستحق ذلك!

الوقفة الثانية :
من الأمور التي تساعد الإنسان على تحديد مسار حياته أو لنقل بوصلة الحياة! هي الدوافع!! هذا العنصر المهم في معادلة الحياة الناجحة بإذن الله تعالى. فكم من إنسانٍ سعى لأمر ما! كأن يعلوا مكانة علمية في المجتمع أو منصب ما أو حتى الحصول على شهادة أكاديمية!! وبعد أن وصل لهدفه!! أستوقفه أمر!! ألا وهو: وماذا بعد!! ها أنا حصلت على ما أريد! وحققت ما صبوت له!! ولكن لا أشعر بالسعادة التي توقعت أنها سوف تأتي مع هذا الحلم! أه من أيام وساعات, وتضحيات!! من أجل هذا الحلم! ومع ذلك لا أشعر بنشوة السعادة أو النجاح الحقيقي! لا أقصد من كلامي أن تقليل أهمية الدراسة في حياتك! بل أني أدفعك لأن تناقش هذه الفرضية مع نفسك وعائلتك الكريمة أولاً ووضع عدداً من الخيارات.. كذلك ألمح لك على أهمية ( وجود الدوافع ) الحقيقة وراء ذلك القرار أو ذلك الهدف..! هل تلك الدوافع تستحق ذلك الجهد وتلك التضحية وقارن بين هذا وذاك..! فلربما يكون الدافع من وراء كل هذا هو فقط ( أمر نفسي بحت!! ) لا علاقة له بحياتك وأسرتك! هذا لا يظهر إلا بعد تمحيص ومراقبة دقيقة لجميع أمور حياتك! أسأل نفسك وأعد السؤال أكثر من مرة واستخرج عدداً من الإجابات. يقول أهل الاختصاص في التطوير الذاتي في هذا ؛ بأن أدق الإجابات تلك التي تكون بعد تمحيص وتدقيق وفي الغالب آخرها..

ورد في رسالتك بأنك ـ ما شاء الله ـ في وظيفة طيبة وبراتب ممتاز وكل هذه المقومات مطلوبة ويتمناه كل واحد منا! وسؤالي لك ؛ هل علاقتك برؤسائك ومرؤوسيك هي أيضاً طيبة! ؟ هل تواجه ضغطاً نفسي أو إداري في عملك ؟ هل تواجهك تحديات (حالياً) بظروفك الأكاديمية تمنعك من المضي في سلم الوظيفة وتعوق تطورك الطبيعي؟ أتمنى أن يكون كل ذلك مجرد افتراضات نظرية. أما إنك كان الأمر كما قرأت فأنصحك بمعالجة تلك الأمور أولاً وبعدها تناقش فرضية إكمال دراستك الجامعية ( أصلح ما بالداخل ينصلح ما بالخارج تلقائياً ) وفي الآية الكريمة: ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ).

كثيرا ما تأتيني مثل هذه الحالات!! وغالبا ما يكون العنصر الذي ينقص تلك المعادلة! هي الدوافع!!

فما هي الدوافع! إنها وإن صح التعبير ـ هي ذلك الوقود الذي يشعل حياتك, ويزيد من حماستك! إنها تلك الشعلة التي تظل ـ بإذن الله تعالى ـ مشتعلة حتى في أحلك اللحظات, وأشدها! .

أريدك يا أخي الكريم أن تبحث مع نفسك على تلك الدوافع التي من أجلها, تريدين الحصول على درجة الدكتوراه! ناقشيها, وحاوري نفسك! هل فعلاً يستحق هذا الحلم أن تضحي كل تلك التضحيات!! ولا تستعجل الإجابة!! فربما تأتي بعد يوم أو أكثر! إلا أنه حتما سوف يأتيك رد! وسوف يكون هذا الرد ـ كالماء البارد في يوم حار!! إن شعورا سوف يختلج كل صدرك, سوف تشعرين براحة كبيرة. فإن كان كذلك! فهذه هي دوافعك!!

الوقفة الثالثة :
وبعد أن تتعرف على دوافعك وراء ذلك, يأتي دور التخطيط للوصول للهدف. ولا بأس أن يأخذ وقتاً! أعرف أناسا أخذ الدكتوراه وهو في الخمسين من عمره! ومنهم من حصل على أكثر من درجة علمية في عمر الخمسين!! والساحة مليئة ولله الحمد. تأكد أن وراء نجاح كل أولائك وبعد توفيق الله ومشئيته سبحانه ـ دوافع حقيقية أشعلت نفوسهم وحياتهم. فأصبحت كل محنة يمرون بها منحة يقتنصونها لصالحهم.

وألمح لك بأمر..!! لماذا لا يكون استكمال دراستك الأكاديمية من خلال الشركة التي تعمل فيها وبذلك تحظى بالعمل والدراسة معاً إن شاء الله تعالى! أجتهد بأن يكون هذا الأمر واقع في حياتك وإن تراء لك أنه مستحيل الحدوث! وصعب المنال! فالمستحيل والصعب ما تراه أنت مستحيلا وصعب!! لا شيء مستحيل بإذن الله ولا سهل إلا ما جعله الله تعالى سهلاً وكما أوردت في رسالتك الطيبة مقولة ـ هيلين كيلر: ( الحياة إما أن تكون مغامرة جريئة أو لاشيء ) . أقول لك الحياة تكون مغامرة إن أردناها أن تكون مغامرة! أحب نفسك وعائلتك وكذا عملك ورؤسائك ومرؤوسيك وأبذل فيهم ولهم كل غالي ونفيس وثق بالله تعالى في أن يحقق لك ما أردت.

وفقك الله يا أخي الكريم ولا تنسنا من صالح دعائك… لك محبتي ودعائي.

                                      المصدر : موقع المستشار .

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم