إن لكل شيء في الحياة الدنيا ثمناً، والنجاح شيء من الأشياء، ومن ثم له ثمن، ومن أثمان النجاح – كما تعارفت على ذلك البشرية – العمل؛
فالنجاح في أي علم أو أي عمل لا يأتي بالتمني، وإنما يأتي بالتخطيط السليم الخالي من الغبش، والعمل الدؤوب المتواصل المبني على أسس علمية مدروسة.
ومن البديهي أن كثرة العمل تولد الكثير من الضغوط أثناء ممارسته، وهذه الضغوط تحتاج إلى الكثير من الصبر والمثابرة، والتؤدة، فضلاً عن الحكمة في التعامل معها حتى لا يخسر من يتعرض لها كل شيء في موقف واحد، أو في مواقف متفرقة، في حال عدم معرفته كيفية مواجهة هذه الضغوط.
ومن البديهي أيضاً أن كل من يعمل يتعرض لضغوط تختلف باختلاف طبيعة العمل، ومكانه وزمانه.
وفي المقابل نجد غير المجتهد، أو غير الطموح الذي لا يعبأ بشيء، ولا يتطلع إلى المعالي، غير مهتم بتحصيل العلم، وغير مهتم بالاجتهاد في عمله حتى يتقدم فيه، نجد هذا الشاب ينهار تماماً في حال تعرضه للقليل من ضغوط العمل، فهو لا يعرف – ولم يسع إلى المعرفة – كيف يتصرف حيال هذه الضغوط، ويراها دائماً نهاية المطاف،
وأن القرار الصحيح – من وجهة نظره – هو ترك هذا العمل كي لا يتعرض لهذه الضغوط، والبحث عن عمل آخر ليس فيه ضغوط، ظناً منه أن هذا العمل – الخالي من الضغوط – موجود ويمكن الحصول عليه، وهذا ظن واهم،
والآن يُثار التساؤل: ما أنواع الضغوط التي قد نتعرض لها؟ وما الأسباب التي تؤدي إليها؟ وكيف نواجهها؟
* الأسباب التي تؤدي إلى ضغوط العمل:
1- عدم توافر المهارات الفنية المطلوبة في الموظف، والتي تؤهله إلى اكتساب ثقة رؤسائه في عمله.
2- عدم استطاعة الموظف التكيف مع بيئة عمله، أو محيطه الاجتماعي داخل الشركة أو المؤسسة أو المنظمة التي يعمل بها، نتيجة افتقاده فن التعامل مع الآخرين.
3- انتهاج الموظف سياسة التسويف وجعلها أساس حياته العملية، فهو دائم التأخير في إنجاز أعماله حتى تتراكم أمامه وتشق عليه، ويجد نفسه في موقف العجز عن أداء هذه الأعمال، وما يستتبع ذلك من ضغوط نفسيه هائلة، قد تحبطه وتتسبب له في فقدان عمله.
4- قد يشعر الموظف بأن المركز الوظيفي الذي يشغله، أو العمل الذي يقوم به داخل المنظمة لا يرقى إلى مستوى طموحه العملي، وأنه يستحق مركزاً وظيفياً أعلى داخل المنظمة.
5- قد لا يمتلك الموظف ثقافة التخطيط السليم – وهي ثقافة تُكتسب بالعلم والجد واليقظة وعدم الخمول والتكاسل – لأموره العملية داخل المنظمة، مما يشعره بأنه فوضوي، وغير مرتب في أعماله، ومن ثم يفقده ثقة رؤسائه، وهذا يسبب له ضغوط عمل مستمرة.
1 – تسلحْ بسلاح الإيمان، فالإيمان بالله سبحانه وتعالى هو مصدر التوازن النفسي، والمنبع الأصيل للسعادة في الدنيا والآخرة، وهو ينبوع الراحة والاستقرار النفسي، وفي غياب الإيمان الحق يشقى الإنسان، ويُصاب بالهم والحزن، والضغوط الحياتية والعملية قال تعالى: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى). [طه:124].
2- اعمل بمبدأ الوقاية خير من العلاج: قم بدراسة الظروف العملية المحيطة بك دراسة وافية تمكنك من توقع الضغوط قبل حدوثها، ومن ثم وضع الحلول التي تقيك التعرض لهذه الضغوط، أو وضع الحلول التي تمكنك من اجتياز هذه الضغوط بأقل خسائر ممكنة.
3 – استوعبْ ضغوط العمل: أقنعْ نفسك أن ضغوط العمل ليست سلبية على الإطلاق؛ فهناك ضغوط عمل إيجابية تحمل لك فرصة وظيفة للتقدم في مجال عملك، فقد تُنقل إلى وظيفة جديدة، وقد تنظر إلى عملية النقل هذه على أنها عقاب لك،
5- كنْ اجتماعياً متسامحاً داخل محيط عملك، وخارجه، وتحلّ بالأخلاق الحميدة، واعمل على كسب ود وصداقة زملائك، وادخل في تنافس شريف معهم، وتجنبْ الأحقاد والحسد، وسوء الخلق – إن كل ذلك من أسرار النجاح – وأنت بكونك اجتماعياً متسامحاً تهنأ بصحبة صالحة داخل العمل تزيل عنك عناء العمل وضغوطه،
6- كن ذكياً في التعامل مع نفسك: أعطها حقها في الاسترخاء والراحة بين الحين والآخر، والاسترخاء المقصود هو الاسترخاء المحدد بوقت، والمعلوم الهدف من ورائه، وليس الهروب من مواجهة مشكلة ما أو ضغوط عمل، والاسترخاء هنا ليس استرخاء الجسد بالراحة فحسب بل استرخاء النفس أيضاً، ومحاولة إكسابها الطمأنينة والبعد عن التوتر والعصبية، واسترخاء الذهن أيضاً بالعمل على جعله أكثر صفاءً، فالنفس تكل وتمل، وإن لم تكسر مللها كُسرت هي، والذهن يحتاج إلى وقفات صفاء حتى يجدد من نشاطه وقدراته،
11- لا تركن إلى علمك فقط، بل اطلع على تجارب الآخرين ممن شُهِدَ لهم بالنجاح والتميز، واقرأ سيرهم، واطّلع على كيفية وصولهم إلى هذا النجاح وذاك التميز، ومن المؤكد أنهم لاقوا الكثير من المصاعب، والكثير من ضغوط العمل أثناء سيرهم في طريقهم؛
13- عوّد نفسك على القناعة، وارض بما قسم الله لك، وإياك والركون وعدم الأخذ بالأسباب؛ فالمتوكل على الله حق توكله يأخذ دائماً بأسباب النجاح، وإن قدر الله لك عملاً ما في وقت ما، وكان هذا العمل لا يحقق لك طموحك ولا أهدافك التي خططت لها فلا تقنط وتتوقف، ارض بما قدر الله لك، واسع جاهداً في تحصيل العلم النظري، والتدريب العملي؛
فهي أسباب قد تكون مقصراً فيها وأنت لا تدري، فخذ بها ولا تجعل للضغوط النفسية التي قد تتولد لديك نتيجة عدم رضاك عن عملك الحالي، أو وظيفتك الحالية، لا تجعل لها تأثيرات سلبية تعيقك عن الأخذ بالأسباب، فضلاً عن الوقوع في ذنب عظيم وهو عدم الرضا بما قسمه الله لك.
_________________
المصدر : موقع الإسلام اليوم .