المرأة والعمل الدعوي.. تنظيم الوقت والقدوة
للمرأة دور مهم في العمل الدعوي، ويقع عليها عبء كبير في توصيل دعوة الله تعالى لبنات جنسها، خصوصا المرأة التي حباها الله تعالى سعة في الوقت، وتوافرت على قدر من العلم واللياقة الدعوية التي تمكنها من مخاطبة الناس باختلاف طبائعهم.
وفي التقرير التالي توجهنا للعديد من السيدات والفتيات بالسؤال حول أدوارهن الدعوية وما يمكن أن تقوم به المرأة الداعية في محيط عملها وبيتها ومجتمعها.
بدون كلام
في البداية تقول أم مرام: أعمل بمكتب بريد، وأتعامل يوميا مع العديد من الناس بمختلف مستوياتهم الاجتماعية والثقافية، وأرى أن دوري الدعوي يتركز في حسن المعاملة، مصدقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم “الدين المعاملة”، وتضيف: المعاملة دعوة بدون كلام، وتأثيرها كبير على نفسية المدعوات وعلى سلوكياتهن، وتترك أثرا طيبا يدوم في النفس البشرية التي تأسرها الكلمة الطيبة.
وتؤكد أم مرام أن الدعوة بالقدوة لا تحتاج إلى قدرات خاصة، ويمكن لكل مسلمة أن تمارسها مع الجارات، ومع الصديقات ومع زميلات العمل، وهذا دليل أن الكل مطالب بتبلغ الدعوة كل بحسب قدرته واستطاعته.
في الجامعة أيضا
وتقول الطالبة الجامعية “مي” حين سألناها عن مفهومها لممارسة المرأة للعمل الدعوي، قالت: ليس بالضرورة أن يكون لدي علم كثير، المهم أن يكون عندي سلوك جيد أنشره بين زميلات؛ وليعرف كل من يراني أنني فتاة مسلمة ملتزمة بدينها، خصوصا في ظل انتشار عادات غريبة على مجتمعاتنا الإسلامية.
وتوافقها صديقتها “عايدة” مضيفة أن القدوة في المظهر والسلوك شيء مهم وضروري، لكن لا غني لأي فتاة تريد ممارسة الدعوة أن تتسلح بالعلم الشرعي إذا أرادت أن يتعدى نفعها لغيرها من الفتيات بشكل واسع وكبير، والفتاة التي تريد ممارسة الدعوة لا تقرأ ولا تتزود بالعلم الشرعي لن تنجز كثيرا، ولا عذر لها فوسائل العلم متاحة وكثيرة الآن.
القدوة
وحين توجهنا بالسؤال للأستاذة هدى عبد المنعم المحامية بالمحكمة الدستورية العليا والمستشارة القانونية للجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل قالت: الدور الأساس والرئيس للمرأة هو الدعوة، لأنها أكثر تأثيرا في من حولها، سلوكيا واجتماعيا، ولنا في أمهات المؤمنين أسوة حسنة، فأم المؤمنين السيدة خديجة رضي الله عنها أول من أسلم من النساء، والسيدة سمية رضي الله عنها أول شهيدة في الإسلام.
وتضيف: كان للمرأة أدوار مهمة وحيوية في تاريخ الدعوة الإسلامية، منها: دورها في بيعة العقبة، وفي صلح الحديبية، وهي كلها أدوار مهمة أثبتت أن المرأة المسلمة عبر التاريخ شريك أساس في العمل الدعوي.
وفي العصر الحديث أذكر نموذجا للمرأة الداعية على كافة المستويات، وهي الحاجة زينب الغزالي رحمها الله، حيث تعلمت منها بالقدوة السلوك المباشر، كيف تكون المرأة ناحجة في بيتها ودعوتها، دون أن تفرط في جانب على حساب الجانب الآخر.
وتضيف: في عام 1977 كانت الحاجة زينب ترتب لقاء لعشر فتيات من طالبات جامعة عين شمس، في لقاء أطلقت عليه دار الأرقم، وكنا نعايشها يوميا في مكتبها وفي بيتها، ونرى تعاملاتها مع ضيوفها وأسلوبها المباشر في الدعوة، والتعامل مع السائق ومع الخادمة، وهو ما أثر في نفوسنا حتى اليوم.
تنظيم الوقت
وتضيف الأستاذة هدى عبد المنعم لقد تربينا على يد الحاجة زينب بالمعايشة، فالقراءة وحدها لا تكفي، ولكن لابد للمتربي أن يعايش المربي، ويرى أحواله وسلوكه وتعاملاته.
وقد رأيت من الحاجة زينب عنايتها الشديدة ببيتها وزوجها، وكانت ترى أن الداعية الناحجة زوجة ناجحة وجارة ناجحة، قبل أن تكون شخصية عامة تتحدث للنساء تعظهن وتدعوهن.
وعن كيفية توفيق الداعية بين هذه المهام الثلاث: بيتها وزوجها، وجيرانها ومحيطها الضيق، ثم مجتمعها الواسع، تقول هدى عبد المنعم: يمكن التوفيق بين ذلك كله بتنظيم الوقت وبالبكور، فالداعية يجب أن يكون وقتها منظما، وأن تحرص على البكور في حياتها، وأن تقوم بوضع خطة وأهداف أو أجندة تسير بموجبها، فتعرف ماذا لديها بعد يوم وبعد أسبوع وبعد شهر.
فبالتنظيم يمكننا التوفيق بين كل ذلك والاستمتاع به أيضا، وتضيف: ودائما ما أوصى تلميذاتي بالعناية بأزواجهن وأبنائهن، ولا يصح أن تخرج لتدعو الناس، وتترك بيتها بدون ترتيب! أو أولادها دون طعام!.
وتقول: ولا يعني أن الزوجة التي لا تعمل خارج المنزل يمكنها أن تصحو من النوم مع الظهر، فهي أيضاً تقوم في منزلها بعمل مهم وحيوي، وبالتالي فإن تأخرها في الاستيقاظ يربك يومها، ويحرمها من ممارسة أنشطة كثيرة لو أنها رتبت وقتها ونظمته.
المصدر : لها اون لاين