بدائل النصح المباشر
السؤال:
لي أخت تكبرني بسبع سنوات لديها ولد وبنت تقريبا في عمر بناتي أو أكبر وهي مطلقة، ومشكلتي هي في طريقة تربية أختي لأولادها، فهي دائمة الشجار معهم ولعنهم وسبهم بأفظع الشتائم، وأنا لا أحب ذلك، وكنت قد نصحتها كثيرا ولكن دون جدوى فهي عصبية وهم بالتالي عصبيون، والأخطر في الأمر أنهم يعلِّمون بناتي هذه الألفاظ وما خفي كان أعظم لا أريد أن أخوض فيه، فماذا أفعل وقد نفذت كل نصائحي لأختي ولأولادها، وفي نفس الوقت لا أستطيع أن أقطع صلة الرحم بيني وبينها فماذا أفعل معها وأنا أخاف على بناتي أن يتعلمن مثل هذه الأقوال والأفعال؟
الجواب:
د . فيصل سعود الحليبي
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فأشكر لك ثقتك في موقعنا لطلب الاستشارة منه، وأرجو أن تتأملي ما سأذكره لك، وتعملي به قدر المستطاع:
– حاولتِ جاهدة في إسداء النصح لأختك -هداها الله تعالى-، وألمح أن نصحك كان مكثفًا -جزاك الله خيرًا- ولكن بطريقة واحدة وهي الطريقة المباشرة، التي كثيرًا لا تأتي بالنتائج المطلوبة!! وإن كانت تأتي ببعض النتائج.
– ولذا فسأذكر لك عددًا من الوسائل التي أرجو أن تدخل إلى قلب أختك، بل إلى بيتها وتؤثر إيجابًا على أولادها، ومن ذلك ما يأتي:
– خففي من النصح المباشر.
– قدمي لها شريطًا يتحدث عن الرفق، أو آفات اللسان، وبعد فترة أهديها شريطًا آخر عن تربية الأولاد، وهكذا بين الفينة والأخرى..
– أرسلي لها رسائل جوال متنوعة، ابدئيها بالفكاهة المباحة، والطرفة الجميلة، ثم أرسلي لها رسائل تذكرها بأن الدعاء على الأولاد يفسدهم، ولعلك ترسلين لها هذا الموقف: حيث جاءت امرأة لابن المبارك تشكو لديه عقوق ولدها، فسألها قائلاً: هل دعوت عليه؟ قالت: نعم، قال: أنت إذًا أفسدته!! أو حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تدعوا على أنفسكم ولا على أولادكم فتصادف ساعة استجابة…)، وهذه الرسائل وغيرها تبدئينها بكلمات الحب لها والاحترام، وتنهينها بالسلام والتحية العاطرة.
– قدمي لها هدية عبارة عن لوحة كتب فيها حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) من دون أن تشعريها بشيء.
– لا تكتفي بالتحذير من السباب والشتائم أو غيرها من الأساليب الخاطئة التي تسلكها أختك مع أولادها، ولكن ذكريها بالعواقب أيضًا، فإن النظر إلى العواقب يوقف الإنسان عن الإقدام على الخطأ في الغالب، وخصوصًا إذا تصوره جيدًا؛ فأنت مثلاً تقولين لها: يا أختي، إذا بقيت هكذا تستحقرين أولادك أو تقسين عليهم فسوف تندمين في المستقبل!! لن تفرحي بهم أسوياء في المجتمع، وربما يحقدون عليك!! وربما يعتدون على الآخرين ويكونوا أداة للهدم في المجتمع…
– تكلمي معها عن النتائج الإيجابية للتربية القويمة، فقولي لها مثلاً: تخيلي يا أختي ولدك هذا وقد أصبح طبيبًا.. أو مهندسًا.. أو داعية مسددًا.. وتخيلي ابنتك هذه وقد غدت معلمة فاضلة.. أو مربية ناجحة..
– أقنعيها أنك يمكن أن تتغيري ولو بعد حين.. وأن أسلوب العنف هذا من السهولة أن يكون أسلوب رفق..
– ذكريها كيف لانت قلوب الصحابة رضي الله عنهم بعد القسوة، وكيف خضعت قلوبهم لله تعالى بعد أن كانت تسجد للأصنام، فالتغيير ممكن وليس بمستحيل.
– حاولي أن تشجعيها على حضور المحاضرات والكلمات التربوية والوعظية في المساجد أو غيرها، وحببي لها البرامج الدينية في القنوات الطيبة.
– لا تنسي أختك من الدعاء في ظهر الغيب بالصلاح والهداية والتوفيق.
– كما ينبغي أن يكون لزوجك دور في التأثير على زوجها بالصحبة ولو بالمراسلة الأخوية والهادفة والتوجيهية من دون شعور بالفوقية.
– لا تحرصي على احتكاك أولادك بأولادها كثيرًا، مع تنبيه أولادك على أن ليس كل ما يشاهدونه في الخارج سليم وصحيح، بغض النظر عما يشاهدونه عند خالتهم، بل أيقظي لديهم بصيرة العقل والدين والنقد ليعلموا بها بعد الله تعالى الصحيح من الباطل.
أعانك الله، وشكر الله لك غيرتك على أختك ومحبتك لها، وأسأل الله تعالى لكم التوفيق والسداد، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.