خبراء: عنف المرأة تجاه زوجها.. انعكاس لواقع المجتمع
خبراء: عنف المرأة تجاه زوجها.. انعكاس لواقع المجتمع
كشف تقرير تقييمي صدر أخيرا عن “الشبكة المغربية للدفاع عن حقوق الرجل”، وهي منظمة غير حكومية تعنى بالدفاع عن حقوق الرجال “المُعنفين” بالمغرب، أن أكثر من أربعة آلاف رجل تعرضوا للعنف من طرف زوجاتهم منذ 2008م، أي في غضون أربعة أعوام تقريباً، من ضمنها 20% من حالات العنف المادي. كما أشارت إحدى الدراسات إلى تنامي ظاهرة عنف الزوجات تجاه أزواجهم، فذكرت أن بريطانيا يتعرض فيها 17% من الرجال للاعتداء من زوجاتهم، وترتفع هذه النسبة إلى 23% في الولايات المتحدة الأمريكية، وفي الهند 11%، أما في مصر فقد بلغت نسبة الرجال الذين يتعرضون للعنف من زوجاتهم إلى 28%، وفي لبنان فترتفع النسبة إلى 53%. وفي محاولة لفهم هذه الظاهرة التي تتنافى مع طبيعة المرأة الهادئة الوديعة المسالمة، وللكشف عن الأسباب التي أدت إلى تناميها، استطلع موقع “رسالة المرأة” أراء الخبراء الاجتماعيين والنفسيين حول هذه الظاهرة. سياق مجتمعي من جانبها ترى الدكتورة داليا الشيمي، مديرة مركز “عين على بكرة للمساندة النفسية والتنمية الأسرية”، في تصريح خاص لـ”رسالة المرأة”، أن تزايد ظاهرة العنف من الزوجات تجاه أزواجهن، يأتي في سياق ارتفاع لغة العنف التي أصبحت سمة ملحوظة في العديد من المجتمعات العربية، فنجد هذا العنف بين الناس في تعاملاتهم المختلفة، ونلحظه في الشارع، وفي كل شيء حولنا، ومن الطبيعي أن ينعكس هذا العنف على الأسرة وعلى العلاقة بين الزوجين. ونبهت إلى أن عمل المرأة ومشاركتها بشكل أساس في تلبية احتياجات البيت المالية، أفقد الرجل بعضا من قوامته التي ذكرها القرآن }الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم{ (النساء:43)، وأصبحت المرأة تشعر أنها مثلها مثل الرجل، بل ربما تفوقه، وهذا بلا شك أفقد الرجل جزءا كبيرا من هيبته، وأكسب المرأة جرأة غير معهودة في ممارسة العنف تجاه زوجها. كما أشارت الشيمي إلى دور الأفكار النسوية التي تدعو إلى المساواة بين الرجل والمرأة في غياب نموذج المرأة الهادئة الوديعة، بل وهيأت هذه الأفكار الأجواء لتنامي ظاهرة العنف ضد الأزواج. وأوضحت أيضا أن الإعلام لعب دورا هاما في تغذية هذه الظاهرة، حيث أنه يدعو المرأة للتعبير عن نفسها بأشكال التعبير، كما يفعل الرجل. ضعف الرجل أما الدكتورة نعمت عوض الله، الخبيرة في الشأن الاجتماعي، فترى – في تصريح خاص لـ”رسالة المرأة” – أن الرجل حينما لا يتمتع بشخصية حازمة، فإن ذلك ربما يغري زوجته لأن تمارس ضده العنف بأشكاله المختلفة. وتعتقد عوض الله أن تسامح الرجل مع المرأة في أول مرة صدر منها عنف ضده، وعدم أخذه موقفا صارما تجاه هذا السلوك، يشجعها على أن تستمر في ممارسته في مواقف أخرى. كما تشير إلى أن ممارسة القهر الذكوري تجاه المرأة من الأب أو الأخ أو الزوج نفسه، ربما يكون هو الآخر دافعا للمرأة لتمارس العنف تجاه الرجل، في محاولة منها للانتقام لنفسها، خاصة إذا ما أتيحت لها الفرصة، ووجدت الزوج الذي يسمح لها بهذا السلوك. ومن الأسباب التي ذكرتها عوض الله أيضا لتنامي ظاهرة عنف المرأة تجاه زوجها، استقواء الأم بالأبناء في الاعتداء على الزوج، فذكرت أن من الحالات التي عرضت عليها أن الزوجة اتخذت من أبنائها عونا لها في الاعتداء على زوجها، فإذا ما قامت بالاعتداء على زوجها فلا يستطيع رد العدوان خوفا من تدخل الأبناء لصالحها. كما ألمحت إلى أن المنظمات التي تعمل على ما يسمى بتحرير المرأة من القهر الذكوري ساهمت بطرق غير مباشرة في تزايد معدل هذه الظاهرة. ثقافات وافدة ومن جانبه يرجع الدكتور عبد الله الصبيح – أستاذ علم النفس المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود – أسباب عنف الزوجات إلى ضعف التربية في البيوت قبل الزواج، وعدم تقدير كل من الزوجين للمسئولية، ومن ثم لا يقوم الزوجان بواجباتهما، الأمر الذي يؤدي إلى ضرب الزوجات لأزواجهن. ويضيف أن من أسباب العنف ما نواجهه من انفتاح على العالم الخارجي، والقنوات الفضائية التي تنقل ثقافات وعادات مخالفة لتعاليمنا وقيمنا، وما تطرحه من تحرر وعنف يؤثر سلبا على تفكير المرأة. ويشير الصبيح إلى أن بعض الزوجات تُضطر عندما تتعرض للضرب والعنف من الزوج إلى الدفاع عن نفسها، كردة فعل لما تعرضت له، وذلك بضرب زوجها. بحسب الوطن السعودية. تأهيل عملي وللحد من هذه الظاهرة، ذكرت الدكتورة داليا الشيمي أنه لا بد من تعليم المجتمع البعد عن التنفيس بالعنف، وأن يكون التنفيس بإخراج الطاقة السلبية من خلال عمل بدني مفيد، وكذلك من خلال بعض الآليات مثل: الاسترخاء، وأخذ فترة سكون عند الاختلاف، ثم بعدها تناقش الأمور في جو يسوده الهدوء وبعيدا عن الانفعال. ونبهت أيضا إلى أهمية العمل على التحلي بالقيم والمعاني الإيمانية التي تؤكد على تجنب الغضب والالتزام بكظم الغيظ عند الشعور به. وذكرت الشيمي أنه ينبغي لمواجهة ظاهرة العنف تلك – بغض النظر عمن يمارسه تجاه الآخر – أن يحصل المقبلون على الزواج على تأهيل مناسب في قواعد إدارة العلاقات بين الزوجين، واكتساب مهارات التواصل الناجح والفعال بينهما، وتعلم فنون إدارة الخلافات الزوجية في حال وقوعها؛ فهذا التأهيل بلا شك سيسهم في الحد من تزايد ظاهرة العنف بين الزوجين. حزم يتبعه تفهم أما الدكتورة نعمت عوض الله، فترى لمواجهة هذه الظاهرة، أنه لابد أن يكون هناك حزم من الرجال ضد الزوجة إذا ما صدر منها أي لون من ألوان العنف، مشيرة إلى أنه ليس المقصود بالحزم رد عنفها بعنف مضاد، ولكن موقف حازم يعبر عن رفض هذا السلوك أيا كانت مبرراته، مشيرة إلى أن الموقف الحازم يجب أن يتبعه تفهم وحوار في محاولة للوصول إلى الأسباب التي دفعتها لذلك، والعمل على علاجها. ونبهت إلى ضرورة أن يغير الرجال طريقة التعامل مع المرأة بشكل عام كأخت وكأم وكزوجة، والبعد تماما عن كل أساليب القهر التي يمارسها بعض الذكور تجاه الإناث، والتي قد تدفعها للعمل على رفعها عنها، مستخدمة في ذلك العنف. كما أشارت عوض الله إلى أهمية أن يقوم الزوج بمسئولياته تجاه زوجته وبيته؛ لأنه حين يقوم بهذه المسئوليات يحتفظ بقوامته وهيبته أمام زوجته، كما أنه يخفف الأعباء عنها، ويشعرها بالأمن النفسي، فلا تتكون لديها رواسب نفسية سلبية تجاهه، وتحرص دائما على أن ترضيه وألا يصدر منها ما يغضبه.