الثلاثاء 10 ديسمبر 2024 / 09-جمادى الآخرة-1446

دراسة تربوية : تربية البنات في الإسلام



تربية البنات في الإسلام .
http://t1.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcRcHrzx5h56m9fro4UTd-mmBry6EOVwPWfOVax8SfSKjxm58z2U
عرض / أ. منى ثابت .
اسم الكتاب : الأسلوب الأمثل .. لتربية البنات في الإسلام
اسم المؤلف : أ. يوسف رشاد
الناشر : دار ابن الجوزي ـ القاهرة
الطبعة الأولى : 2006
إن تربية البنات أمر صعب إلا لمن يسره الله وألهمه الرشد والسداد وسلك هدي خير المرسلين ( صلى الله عليه وسلم ) والتزم تعليماته وتوجيهاته التي تقول :
” من عال جاريتين ( أي بنتين صغيرتين ) حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو, وضم أصابعه” رواه مسلم عن أنس بن مالك.
وحكمة الله, وقاعدة الحياة, اقتضت أن تنشأ الحياة من زوجين ذكر وأنثى, فالأنثى أصيلة في نظام الحياة أصالة الذكر, بل ربما كانت أشد أصالة لأنها المستقر.
ولهذا حرص الإسلام على تبني الفتاة منذ ولادتها ومعاملتها معاملة خاصة لكي تنشأ أماً صالحة تحافظ على تربية أولادها تربية إسلامية صحيحه.
في السطور التالية نحاول الإلمام بصفحات هذا الكتاب لنرى ماذا قدم الإسلام للفتاة من تكريم وحفاوة منذ استقبالها وفي جميع مراحل حياتها لكي ترسو بها سفينة الحياة على شاطئ الأمن والأمان لحياة أفضل.
نموذج قرآني .
تحت هذا العنوان جاء الفصل الأول حيث أورد فيه الكاتب نموذجا قرآنيا فريدا في الحفاوة بالأنثى متمثلاً في قصة ” السيدة مريم” البتول منذ ولادتها ونشأتها وحتى حملها بنبي الله عيسى ـ عليه السلام ـ وفي هذه القصة عبرة وعظة بحفاوة القرآن الكريم بالأنثى فلقد كانت أم مريم حريصة على أن يكون مولودها ذكراً لكي تهبه إلى خدمة بيت المقدس, وكانوا في ذلك الزمان ينذرون لبيت المقدس خداماً من أولادهم.
وعن أهم الدروس المستخلصة من هذا النموذج القرآني كما أوضحها المؤلف ما يلي :
1 ـ مكانة المرأة في القرآن الكريم والحفاوة بها منذ ولادتها وحتى نشأتها.
2 ـ عند حمل الأم وعلمها بأن الآتي إلى الدنيا أنثى لا تضجر ولا تحزن, بل نتوجه إلى الله تعالى بالدعاء لها وإعاذتها بالله ـ تعالى ـ من الشيطان الرجيم.
3 ـ تخير الاسم الجميل والحسن للأنثى.
4 ـ الاعتناء بالفتاة وتعليمها أمور دينها ورعايتها منذ ولادتها.
5 ـ المواظبة على مراقبة الله ـ عز وجل ـ في السر والعلن والحث على الامتثال لأوامر الله ـ تعالى ـ والطاعة المطلقة لرب العالمين.
6 ـ الصبر والمصابرة على الابتلاءات التي تتعرض لها الفتاة في حياتها.
مرحلة المراهقة .
وهي من أهم المراحل في حياة الأنثى والتي أفرض المؤلف لها باباً كاملاً حيث يقول : إنها مرحلة انتقال جسمي, وانفعالي, واجتماعي بين مرحلة الطفولة الساذجة الوادعة, ومرحلة الشباب أول مراحل الرشد والنضوج والتكامل الإنساني, ولهذه المرحلة أهميتها في حياة الإنسان, وفي تكوين شخصيته لما يصاحبها من تغيرات عظيمة لها آثارها في مختلف مستويات الحياة. .
ويشير المؤلف إلى أن الوالدين يواجهان عدة تحديات في هذه المرحلة منها:
أ ـ ما يتمثل في خصائص فترة المراهقة, وقوة غرائزها, وعنادها, واندفاعها والميل إلى مقاومة جيل الآباء والنزعة الاستقلالية, والميل إلى المناقشة والجدل.
ب ـ التقدم الهائل في وسائل الاتصال والإعلام والنشر الذي جعل من المتعذر إقامة السدود والحواجز أمام ما يُراد ألا يصل إلى عقول المراهقين ونفوسهم.
الثقافة الجنسية للمراهقة .
تحت هذا العنوان يستعرض المؤلف رأياً للأستاذ محمد قطب والذي يقول فيه : إن المشكلة التي تتحدث عنها كتب التربية وعلم النفس في فترة المراهقة هي مشكلة الجنس. فالتغيرات الجسدية التي تعلن عن بدء النضوج الجنسي تفرض نفسها فرضاً على الفتاة المراهقة, وتشغلها ولا يمكن تحاشيها.
ويؤكد قطب على أن الجنس في ذاته موضوعاً ليس محرماً في الإسلام, والإسلام لا يستقذر الدافع الجنسي في ذاته, ولا يمارس أي لون من ألوان الكبت فيما يتعلق بالجنس, بدليل قوله سبحانه وتعالى عن النصارى : ” ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم ” الحديد : 27.
وعن أنس بن مالك ـ رضى الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:ـ حبب إلى من الدنيا : النساء والطيب, وجعل قرة عيني في الصلاة “. صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ويستطرد الأستاذ محمد قطب : ثم إن الجنس في الإسلام يمارس باسم الله, ويقرأ اسم الله عليه وهو أطهر الأسماء وأعظم الأسماء, ومن هنا لا ينشأ الاضطراب في النفس من مشاعر الجنس, والإسلام لا يستقذر الجنس, إنما ينحصر الاستقذار, في الجريمة,
فالإسلام يستبعد الإنسان عن الشهوة, فهو يضبطه ويبيحه في الحدود المشروعة, ويدعو إليه عندئذ,ويشجع عليه, وهو يضبطه بحيث يجعله مشاعر مودة ورحمة لا مجرد شهوة حيوانية, يقول ـ عز من قائل ـ : ” ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ” ( الروم : 21 )
ويؤكد قطب على أن الإسلام يضبط الجنس فيجعله: أسرة وأطفالاً, وتنظيمات اقتصادية, واجتماعية, وفكرية, وأخلاقية شاملة.
كما أكد أيضاً على أن الفتاة عندما تنشأ في بيئة إسلامية خالصة وبدون مؤثرات أو عوامل التهييج الجنسي لديها, فإنها لن تفكر فيه, وذلك لأن دافع الجنس على الرغم من فاعليته, وحركته لايُلح في الإشباع إلا إذا أثير بواسطة مثيرات داخلية أو خارجية.
ويشير قطب إلى بعض المؤثرات الداخلية على سبيل المثال لا الحصر:
1 ـ التلفزيون : إن ما يعرضه التلفزيون من أفلام إباحية ومسلسلات الحب والغرام ومناظر الإغراء والجاذبية الجنسية ليدفع الفتاة دفعاً إلى التقليد والمحاكاة.
وهنا يذكر المؤلف مقولة لنوال السعداوي وهي معروفة بعدائها للإسلام وقد حاربت الحجاب أشد محاربة ومع ذلك تقول في لحظة صراحة مع النفس : والكبت الجنسي في مجتمعنا كان يمكن أن يكون أقل خطراً على صحة البنات والنساء النفسية, لو أن الثقافة والإعلام والفنون في مجتمعنا تخضع للقيم الأخلاقية نفسها التي تتحكم في تربية البنات, ولكن هذا لا يحدث لأن الذي يتحكم في وسائل الثقافة والفنون والإعلام عامة ليس هي القيم الأخلاقية , وإنما هي القيم التجارية القائمة على الربح من وراء عرض أفلام الجنس والرقصات العارية وأجساد النساء, وتدهور الغناء وفساد الذوق العام.
ويسترسل المؤلف حديثه حول تأثر البنات بما تشاهده في وسائل الإعلام من أفلام عاطفية تخاطب وجدانها بشدة, حيث يقول: الفتاة في سن المراهقة شفافة بريئة قليلة الحيلة بالحياة ـ وخاصة في مجتمعاتنا ـ التي تحافظ على تقاليدها الشرقية, فهي تنظر إلى هذه الأعمال بمنظار وردي جميل, لأنها بالعاطفة تحيا.
ويستعرض المؤلف رأياً آخر لـ د. هوب أمرولر وهو أمريكي يقول فيه : إن الأفلام التجارية التي تنتشر في العالم تثير الرغبة الجنسية في موضوعاتها. كما أن المراهقات من الفتيات يتعلمن الآداب الجنسية الضارة.
ويستشهد المؤلف على خطورة هذه الوسيلة الإعلامية بإحصائيات أعدها خبراء متخصصون في مضار التلفزيون تتمثل في :
• يؤدي التلفزيون إلى انتشار الجريمة والعنف بنسبة 41%.
• يؤدي التلفزيون إلى انتشار الرذيلة بنسبة 41%.
• يشغل التلاميذ عن استذكار الدروس بنسبة 47%.
• يؤدي إلى شيوع النصب والاحتيال بنسبة 47%.
• بالنسبة لأفراد المجتمع يضر أكثر مما ينفع بنسبة 72%.
2 ـ المجلات الخليعة والصحف الصفراء وما أكثرها والتي يدخلها الأب أو الأم بدافع التسلية.
3 ـ إثارة الفتاة عن طريق الوالد أو بعض أخواتها البنين الذين يثيرون فيها النوازع الجنسية بجلوسهم أمامها بالملابس الداخلية.
هذه هي أهم العوامل الداخلية التي تثير كوامن الغريزة الجنسية في الفتاة, والتي يدعو محمد قطب كلاً من الوالدين من الحد منها وتشديد الرقابة عليها خاصة التلفزيون بعد دخول ما يسمى بالدش والقنوات الفضائية.
كما يدعو قطب إلى النظر في كل ما يدخل البيت ويشاهده الأطفال والبنات من مجلات أو أي كتب غير نافعة .. وضرورة وجود مكتبة إسلامية ثقافية بالمنزل..
كما دعا أيضاً الوالدين أن يتخلقا بأخلاق الإسلام في الملبس أمام أولادهم للحفاظ على حيائهم.
أما عن المؤثرات الخارجية فيقول الأستاذ محمد قطب :
1 ـ السينما وإعلاناتها في الشوارع, وما يعرض من أفيشات الأفلام في شوارع المدن وما تعرضها من مناظر مخزية.
2 ـ الاختلاط : ويكمن هذا الاختلاط في تعليم المرأة وعملها.. ويقول الأستاذ محمد قطب في ذلك : أننا لسنا ضد تعليم وعمل المرأة, ولكن التجربة أثبتت خطورة الاختلاط وما شاهدناه من تفسخ وانحلال وفساد وما نتج عنه من زواج سري بين الطلاب, وشيوع الخيانة الزوجية مع زميل أو زميلة العمل.
ويستفيض المؤلف في الكلام عن خطورة الاختلاط فيقول : إذا كان الشرع أذن للمرأة أن تتعلم ما ينفعها في أمر دينها ودنياها فيجب أن يكون هذا التعليم بمعزل ومنأى عن الذكور ..
ويشير المؤلف إلى جمعية الإصلاح الاجتماعي في الكويت والتي قد وجهت سؤالاً إلى أربعة عشر عالماً وفقيهاً من علماء المسلمين في مختلف الأقطار الإسلامية, عن حكم الإسلام في تعليم البنات المختلط وبيان الأضرار الناجمة عن الاختلاط في التعليم فأفتى كل منهم بتحريم ذلك وأيدوا فتاواهم بالآيات القرآنية في سورة النور والأحزاب والدالة على تحريم الاختلاط والسفور والتبرج ووجوب الحجاب والقرار في البيوت إذا خيفت الفتنة, وأيدوا ذلك بالأحاديث النبوية الدالة على تحريم الاختلاط, وجمعت فتاواهم في رسالة وطبعت تحت عنوان ( حكم الإسلام في الاختلاط ).
3 ـ الخلطة الفاسدة, ورفقاء السوء, : في سن المراهقة تميل الفتاة إلى الاختلاط بصديقاتها, والانخراط في محيطهن. إن الفتاة في سن المراهقة تحتاج إلى المراقبة, ولا يصح أن تترك خارج البيت دون رعاية, وعلى الأم أن تكون يقظة في هذا الجانب بالذات وأن تتأكد من خلق صديقات ابنتها.
ويخلص المؤلف إلى أن الفتاة لن تنفصل عن مجتمعها الذي يعيش فيه.. والفساد ظهر في البر والبحر, ولا تنجو من هذا الفساد إلا من رحمها وعصمها الله ـ عز وجل ـ ولكي نجنب فتياتنا هذا الفساد ـ والكلام هنا للمؤلف ـ ينبغي مراعاة الآتي بقدر الإمكان :
• غرس الروح الإيمانية في نفوس الفتيات .
• التعجيل بالزواج المبكر لأن ذلك يحمي الفتاة جنسياً وخلقياً.
• تجنب المراهقة مشاهدة المناظر الخليعة والجلوس أمام التلفاز وشاشات الانترنت لساعات طويلة دون مراقبة.
• الصحبة الطيبة, والرفقه الصالحة أيضاً مع المتابعة.
• تربية الفتاة على غض البصر.
التربية الإيمانية للمراهقة . 
وفي النهاية يختتم المؤلف كلامه في الفصل الخامس من الكتاب بما قالته الحاجة زينب الغزالي ـ رحمها الله ـ : عشرات الرسائل تصلني شهرياً من فتيات مسلمات في سن المراهقة, والشكوى الأساسية في هذه الرسائل هي من تذبذب المستوى الإيماني بين ارتفاع سريع وانخفاض سريع أيضاً..
وتقول الحاجة زينب إن الفتاة المراهقة تعيش حالة من الرقي الإيماني, فتزداد عبادتها وصلتها بالله وخشوعها في الصلاة وتكثر من صيام النوافل, ومن الأذكار, ومن قراءة القرآن, ثم لا تلبث أن تجد نفسها قد فتر إيمانها وقل خشوعها ونقص التزامها, فتزداد متاعبها النفسية والعصبية, وتنظر إلى نفسها باحتقار, وتشعر بحالة من الضياع, لأنها في رأي نفسها أصبحت ( منافقة ) وليست مؤمنة حق الإيمان وتسأل صاحبات الرسائل عن هذه الحالة وعن العلاج لها, حباً في الله ـ عز وجل ـ وخوفاً على دينها..
وتؤكد الحاجة زينب على أن عدم الاستقرار النفسي, والتردد, وسرعة تبني المواقف, وسرعة نسيانها, وعدم التركيز, والقلق, هي صفات طبيعية لهذه المرحلة, تحتاج إلى معالجة متوازنة وصبر ورفق, وكثيراً ما تشعر الفتاة المراهقة في هذه المرحلة بحالة من الغربة وسط أهلها, والسبب في ذلك هو طبيعة المرحلة..
وفي ردها على تلك الرسائل المشار إليها من قبل قالت : أنصح بناتي وحفيداتي في هذه السن, باللجوء إلى الله والتقرب إليه ـ سبحانه ـ والأخذ بالعزيمة وأداء الفروض والواجبات,
وعدم التشدد في محاسبة النفس على كل صغيرة وكبيرة, والصبر على هذه المرحلة من العمر, التي سوف تنتهي إلى الاستقرار والنضج, وما دامت الفتاة تؤدي فروض ربها وما تستطيع من النوافل وتتجنب الحرام والوقوع في المعاصي وما يغضب الله, فقد نجحت في اجتياز سن المراهقة, وتجاوزت المرحلة الانتقالية في حياتها. عفا الله بناتنا وأولادنا وحفظهم من كل مكروه .. آمين.
تصميم وتطوير شركة  فن المسلم