يقول صلى الله عليه وسلم أنه: ( الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني ) رواه الترمذي ــ قوله الكيس معناه الرجل الذي يغتنم الفرص ويتخذ لنفسه الحيطة حتى لا تفوت عليه الأيام والليالي فيضيع وقوله من دان نفسه أي : من حاسبها ونظر ماذا فعل.! وحُكي عن حكيم عربي قال : ليس للحياة قيمة إلا إذا وجدنا فيها شيئاً نناضل من أجله… وهناك مقولة جميلة مفادها ( من الأفضل أن تعيش من اجل شيء أو هدف ما, بدلاً من أن تموت من أجل لاشيء).
يرى العلماء من خلال دراسات أعدت أن نسبة الذين يخططون لحياتهم لا تصل 3% من مجموع الناس كلها..!!!
وأن هذه النسبة القليلة هي التي تقود المجتمعات في مجالات الحياة المتنوعة.!
وهنا دراسة طريقة قامت بها إحدى الجامعات لعدد من الطلاب ممن تخرج قبل (10) سنوات…خلصت الدراسة أن:
83% ليس لديهم أهداف وأنهم يعملون بجد لكي يعيشوا وليس لديهم أي خطط للمستقبل.
14% فكروا في الأهداف ولم يكتبوها وكانوا يكسبوا 3 أضعاف دخل الـ83% الذين ليس لديهم أي أهداف.
3% كانت لديهم أهداف مكتوبة وخطط للتنفيذ وكانوا يكسبوا 10 أضعاف إجمالي دخل مجموع الـ83%.
سؤال !!
– لماذا بعض الناس لا يخطط لحياته, وهو في نفس الوقت تراه يخطط لقضاء إجازة أو طلعة مع الأهل أو الأصدقاء!؟
– لماذا كثير من الناس يحب أن يعمل أكثر من محبته أن يفكر..؟؟
السر في ذلك..!! أن الإنسان فيه غريزة حب الإنجاز ورؤية الثمار والنتائج والتعجل في ذلك. والعمل يشبع هذه الغريزة، بخلاف التخطيط والتفكير.. التخطيط نتائجه ليست فورية، وتظهر بعد فترة من الزمن…ومن يعمل بدون تخطيط تقنعه أقل النتائج، بخلاف من يخطط فإنه لا يرضى إلا بأكبر قدر ممكن من النتائج..!! يقول علماء الإدارة والتخطيط ” كل ساعة تقضيها في التخطيط لأمر ما! توفر لك 4 ساعات في الإنجاز! ” بمعنى أن التخطيط يوفر لصحابه الأوقات, بل إن التخطيط أداة فعالة لتوقع المنجزات!! على عكس من يعمل بدون تخطيط فإنه يستنفذ وقتاً – في الإنجاز والمتابعة – وربما تظهر له نتائج غير مرغوب فيها أو أمور طارئة هو في الواقع غير مستعدٍ لها…
أما لماذا لا نخطط لحياتنا… فأسباب ذلك كثيرة أبرزها:
الافتقار إلى الثقة والاعتقاد بأن التخطيط لرجال الأعمال وليس للأفراد.
الافتقار إلى معرفة التخطيط.
حب التفلت من الالتزامات التي يتطلبها التخطيط.
يظن البعض أن التخطيط يتطلب منه وقتا ثمينا من الأفضل الاستفادة منه لإنجاز الأمور في مواعيدها.
الاعتماد على الظنون لا على الحقائق مما يلغي التخطيط.
الآن…. ماذا نعني بالتخطيط للحياة!؟ ما هو التخطيط الشخصي للحياة؟
هو التخطيط… هو ذلك النشاط الذي ينقلك من وضعك الحالي ( وضعي الآن !! ) إلى ما تطمح بالوصول إلية ( أي أهداف وأمنيات مستقبلية ) عن طريق تصميم أعمالك ووضع برامج ( أي الخطة ). وهو يتألف من:
• تحليل وضعك الحالي ( أين أنا الآن! …………. في جميع جوانب حياتك ).
• تحديد أهدافك ( ماذا أريد حقيقة!! ولماذا …. في جميع جوانب حياتك ).
• تصميم وكتابة سيناريو حياتك. ( متى أحقق ذلك وكيف !! )
وهناك تعريف آخر أكثر اختصارا وهو ( رسم صورة واضحة للمستقبل ).! بالمناسبة سئل رئيس شركة جنرال موتورز (تشارلي كيترنج) لماذا يخطط للمستقبل؟ فأجاب (لأني سأقضي بقية حياتي فيه ).
وقفة : إن أي إنسان يود أن يغير أو يحسن من وضع معين لابد له من معرفة وضعه الحالي أولاً ومن ثم ما يود الوصول إليه.
سؤال : كيف أحقق أهدافي في الحياة؟
نستطيع – بإذن الله تعالى -تحقيق أهدافنا الشخصية والعملية عندما نؤمن بها ونسعى إليها؛ فأي إنسان عادي بإمكانه تحقيق ما يصبو إليه من أهداف دون امتلاكه لكل القدرات والمهارات الأساسية؛ كما يظن ويعتقد البعض! فتحديد ما نريده واستعدادنا لدفع ثمن إنجازاتنا يستنفر طاقتنا الداخلية؛ لأن الاستعداد أهم من مجرد امتلاك المهارة دون الإرادة, ولكن كل بداية جديدة تستدعي تصورات جديدة وهذه بعض الأفكار والخطوات التي ستساعدك على تشكيل نظام متكامل لتحقيق أهدافك في الحياة.
الخطوة الأولى: لتكن لك رؤية :
مثال : نفرض أنك تسير في طريق ما (مسافر مثلاً) وقيل لك! أين أنت ذاهب؟ ما هي وجهتك؟ ثم أجبتنا بأنك (لا وجهة لديك حقيقية! أو لنقل: أنك لا تدري أين أنت متجه!! فأنت تسير كما يسر الناس! حتى تجد المكان الذي تستقر فيه!! ثم نقول لك : إذاً ما هو ذلك المكان الذي – ربما – سوف تستقر فيه!! فتجيبنا – أيضاً لا أعلم!!
في الواقع هذا حال كثير من الناس!! معظمهم لا يعلم أين يسير في هذه الحياة! وماذا يريد!! أو عن ماذا يبحث؟ فهو مستسلم للظروف تارة, وللنزوات النفسية تارة أخرى!! ومتى ما وجد الشيء المناسب له سلكه! فهو مؤمن – شاء ذلك أم أبى – بمبدأ الفرص والحظ!! ويقول الدنيا حظوظ وفرص!! كما قلنا – هذا حال كثير عامة الناس!! أما عن أولائك المميزون, المنجزون في الحياة! فالأمر مختلف كليةً.! فهم في الغالب يعلمون – بالضبط – ما يريدون! وأين هم متجهون إليه!! أي لديهم رؤية واضحة في حياتهم..!!
نرجع للسؤال الرئيس في موضوعنا : (كيف أحقق أهدافي في الحياة؟ )
أولاً : لتكن لك رؤية واضحة عن ماذا تريد حقيقة في حياتك, حدد بالضبط الشيء الذي تريد أن تكون عليه خلال 5, 10, 20, 30 سنة! في جميع جوانب حياتك الرئيسة؛ في الواقع هناك خمسة جوانب رئيسة في حياة الإنسان.! (الجانب الإيماني – الجانب العائلي والاجتماعي – الجانب الصحي – الجانب الشخصي والوظيفي – الجانب المادي) وبعض المتميزين يضيف الجانب التطوعي, كجانب أساسي في حياته..
كل إنسان لديه أهداف في هذه الجوانب الرئيسة, يقال عنه إنسان متوازن… حدد لكل جانب أمنية (بعيدة المدى) تتمنى أن تحققها في حياتك!! مثلاً في الجانب الإيماني (من أمنياتي… حفظ كتاب الله كاملاً, حج (5) مرات, العمرة (20) مرة….صدقة جارية (وتحدد الرقم)…..الخ في الجانب العائلي, من أمنياتي ( أسرة متحابة, متحدة, متماسكة, ملتزمة شرعياً يحترم أفرادها بعضهم بعضا….الخ)
نحن هنا نتحدث عن أقصى الأمنيات!! عن أهداف ربما تتحقق خلال سنوات عديدة…. لا بأس هذا المطلوب أن يكون في هذه المرحلة.. مشكلة كثير من الناس, أنه يضع أهداف بسيطة وقصيرة المدى…لا تتعدى بضعة أيام!! مما يجعلها في غالب الأمر مهام مطلوبة القيام بها!! لا أهداف أو إنجازات حقيقية ـ مثلاً يقول أحدهم : هدفي أن أسدد فاتورة الجوال أو الهاتف ….وآخر يقول هدفي أن أسدد جميع ديوني.. وهكذا… (عموماً سوف نستعرض صفات الهدف الحقيقي وكيف يتم تحقيقه لاحقاً).
سؤال : كيف أحدد أقصى أمنياتي في الحياة!! أي المهم منها فعلاً….؟؟
لو قيل لك مثلاً أن …( على أن هذا الافتراض مزعج لبعض الناس إلا أن الأمر يستحق) لو قيل لك – ما بقي من حياتك إلا فقط ستة أشهر!! ماذا أنت صانع فيها!! حقيقة الموضوع يتطلب استحضار الموقف وتخيله حقيقة والنتائج سوف تكون بلا أدنك شك مبهرة!! هذه الطريقة – بصراحة – فعالة في استحضار أقصى الأمنيات!
الخطوة الثانية: تبنى قيماً حقيقة في الحياة :
كل إنسان منجز ناجح في حياته لديه قيم يعيش بها ويحيا من أجلها!! كما يقال (ذلك إنسان صاحب مبادئ أو لديه قيم!!) عبارة كثير ما نسمعها!! والسؤال ـ ما علاقة القيم بالنجاح!!
أسئل نفسك عن ما هو أهم شيء في حياتك!! أجلس جلسة صفاء وبدون مشوشات وقل لنفسك وبهدوء ( ما هو أهم شيء في حياتي! )
الأسرة, الوظيفة, الدراسة, الصحة, العبادة, الإنجاز, الحب, السلام الداخلي, العطاء….الخ ثم بعد ذلك تسأل نفسك… ماذا تعني لك هذه الأمور المهمة في حياتك..!! الأسرة ما تنعي لك؟ الصحة, الأسرة,العلاقات, الصدق, العلم الشرعي…الخ. هنا تكون قد كونت لك مجموعة من القيم الحقيقية والتي هي في واقعها تمثل ـ بعد مشيئة الله تعالى ـ سبب سعيك لتحقيق أهدافك في الحياة وعيشك فيها… كما أنه لا بد أن تكون كل أهدافنا منطلقة من تلك القيم أي متصلة بها… فمن قيمه (الأسرة) أو (العلم الشرعي)… نجد أن أهدافه منصبة على تأصيل هذه القيمة وتأكيدها في حياته…أي في دائرة اهتمامه! فنلحظ أن لديه مثلاً – هدف ( طلعة مع الزوج – زيارة عائلية – جلسة مع أحد الأبناء) وهكذا..!! إذاً القاعدة لكل هدف حقيقي قاعدة (قيمة) ينطلق منها… و (رؤية) واضحة يسير عليها.
أخيراً…
إن الإنسان الذي لا يخطط لحياته هو واحد من ثلاثة: إما إنه لا يعرف ماذا يريد، أو أنه يعرف ماذا يريد ولكن لا يعرف الوسيلة التي تحقق له ما يريد، أو انه يعرف ماذا يريد ويعرف الوسيلة، لكنه يفتقر إلى الثقة في انه يستطيع أن يحقق ما يريد! ؛ فإن افتقار الإنسان لثقته في نفسه، وفى إمكانياته، يجعله يسير في الحياة بلا هدف وبلا معنى.! يقول ” جورج برنارد شو: هناك أناس يصنعون الأحداث، وهناك أناس يتأثرون بما يحدث، وهناك أناس لا يدرون ماذا يحدث.. !! إن ما يفرق بين الإنسان الناجح والفاشل ليس الإمكانيات، ولكن القدرة على استخدام هذه الإمكانيات، والقدرة على الاستعداد لتلقى الفرص. يقول أحد حكماء الصين ” كونفوشيوس ” : الناس بالفطرة متشابهون، وفى التطبيق مختلفون..
سؤال : بعد أن تتكون لدي رؤية واضحة وقيم حقيقية, كيف أصوغ ذلك على هيئة برنامج عمل (خطة عمل).
أولاً : حدد أهدافك … لقد حدد العلماء معادلة الإنجاز في أنها: الرغبة ثم التخطيط ثم التطبيق ثم العزيمة. وكلها تؤدى إلى الانجاز، كما لا بد لكي تخطط لحياتك؛ من أن تحدد أهدافك، فتحديد الأهداف أصعب من تحقيقها، إذ أنك إذا حددت أهدافك على الورق تكون قد أنجزت نصف المهمة, فالأهداف هي أفكار مكتوبة وكل ما عداها أضغاث أحلام فكتابة الأهداف تعني الالتزام وأنك فعلاً عازم على العمل على جعلها على أرض الواقع… في الحقيقة مجرد كتابة الأهداف كما يقول علماء الإدارة والتخطيط يساهم في تحقيقك لها 30% وبشكل أسرع مما تتخيل. حتى ولو لم تحقق أيا من أهدافك، فأنت في حال أفضل وأنت تعرف أهدافك، وأنت قد كتبتها حتى تعود إليها وقت الحاجة إليها. وأن يكون لديك هدف، خير من ألا يكون لك أي هدف على الإطلاق.!
ثانياً : كن دقيقاً .. فالأهداف الواضحة تكون محدودة وجامحة أما الرغبات المبهمة فهي أحلام يقظة!! هناك من يضع هدفاً بأن يكون غنياً أو صاحب منصب ما أو حتى حافظاً لكتاب الله ونحو ذلك… كل هذا جيد إلا أنها تظل أمنيات وأحلام! لكن متى ما حددت بالضبط ما تريد كأن تقول ( هدفي الحصول على مبلغ كذا ( ؟؟؟ ) نهاية هذا العام إن شاء الله تعالى أو هدفي حفظ 5 أجزاء من القرآن الكريم هذا العام… فأنت بالوقع قد رسمت لك طريقاً معبداً تسير فيه نحو هدفك وبكل وضوح.
ثالث : آمن بهدفك … ما الذي سيدفعك لتحمل المشقات ما لم تؤمن فعلاً بما تريد تحقيقه ؟ لا يكفي فقط أن تكتب أهدافك وتحددها بالضبط!! بل يجب أن يرافق ذلك كله إيمان عميق جداً بأنك بعون الله تعالى سوف تحققه وتصل إليه! الإيمان بالهدف هو الذي دفع أبو بكر الصديق – رضي الله عنه – أن ينفق كلَّ ماله، ويدعى من أبواب الجنة الثمانية, وهو قامع الردة.!! الإيمان بالهدف هو الذي دفع عثمان بن عفان – رضي الله عنه – أن يجهز جيش العسرة، ويوقف بئر روما، ويختم القرآن في ركعة.
الإيمان بالهدف هو الذي دفع الصحابي الجليل عمير بن الحمام الأنصاري – رضي الله عنه – على أن يلقي بضعة تمرات يتقوى فيها على الجهاد وأعتبر الوقت الذي يأكل فيها هذه التمرات حياة طويلة !! ( لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة ) كل هذا بسبب إيمانهم العميق بالهدف الكبير وهو دخول الجنة واستشعروا ذلك وتصوره حقيقة ظاهرة أمام أعينهم… أخيراً… الإيمان بالهدف هو الذي دفع أديسون بأن يكتشف – ولن نقول فشل – (999) محاولة لا يعمل فيها المصباح الكهربائي!! إلى أن أكتشف في المرة (1000) كيف يعمل المصباح الكهربائي!… وهنا استطراد طريف – في إحدى المحاضرات وأثناء ما كان الأستاذ يشرح لطلابه عن أهمية الكهرباء في حياتنا وأنها قد أنارت العالم… وقف أحد الطلاب وقال ( يا ليت أديسون يرى ما نراه الآن!! ) مباشرة قال له الأستاذ : ومن قال لك يا أبني أن أديسون لم يرى ما نرى الآن!! لقد رأى كل ذلك حقيقة في ….. عقله قبل أن نراها نحن الآن في واقعنا حقيقة.
رابعاً : ابذل قصارى جهدك … الهدف الفعلي تكتنفه الإثارة وهذا يتطلب المزيد من المثابرة ومواصلة تغيير أساليب الإنجاز والابتكار في الأداء والعطاء… فهذا سيبويه ألف أعظم كتاب في النحو وهو في الثلاثين من عمره , وتوفى النووي وعمره أربعون سنة وقد ترك تراثاً ضخماً.!! وبقي عطاء بن أبي رباح ينام في المسجد ثلاثين سنة في طلب العلم، وما فاتت تكبيرة الإحرام الأعمش ستين سنة… لقد بذل هؤلاء الأعلام أقصى درجات الجهد فخلد التاريخ ذكراهم…
أخيراً…
على طالب النجاح في الحياة؛ الموازنة بين الأهداف الطويلة المدى والأهداف قصيرة المدى… فالأهداف بعيدة المدى تبدو كالسراب الذي تحجبه الأيام فاستبق الأحداث وحقق بعض الأهداف السريعة لتحافظ على جذور الحماس – بمعنى كل يوم قم بعمل شيء ولو بسيط يقربك لهدفك الكبير…. ولمن يريد حفظ القرآن الكريم كاملاً…كل يوم يحفظ ولو سطراً واحداً…. في أسبوع سوف تجد نفسك تحفظ نصف صفحة وفي شهر وجهان وهكذا…
خامسا : ضع أهدافاً في كافة المجالات ولكل المهمات… عليك بوضع أهداف جديدة وبعيدة تشمل كافة جوانب حياتك، الإنسان المتوازن في حياته, هو إنسان يحقق أهدافه في جميع مجالات حياته الرئيسة.. فمثلاً لديه أهداف في الجانب الإيماني أو التعبدي وأخرى في الجانب الصحي, وأخرى في الجانب العائلي والاجتماعي, وأخرى في الجانب الوظيفي أو الشخصي, وأخرى في الجانب المادي أو المالي…. وأخيراً أهداف في الجانب التطوعي… ولي وقفة في هذا الجانب!! جانب العمل التطوعي!!
كلنا يعرف المليونير أو الملياردير (بيل غيتس) صاحب شركة ميكروسوفت! نقل الأعلام مؤخراً أنه تخلَّ عن إدارته لشركة ميكروسوفت (أكبر شركة في مجال تقنية المعلومات) وتفرغ للعمل التطوعي… بل أنه تبرع مبلغ من المال هو الأكبر من حيث القيمة للأعمال التطوعية… طبعاً هذا غير طبيعي وفي نفس الوقت ليس هو المطلوب…! إلا أن السبب في ذلك ربما والله أعلم أن الرجل لم يجد غايته وراحته (رسالته الحقيقية) في نجاحاته السابقة!! ( إدارته للشركة ) مما دعاه لأن يتخلى عن ذلك كله ويتفرغ للعمل الخيري… عمل يعتقد أنه يجد فيه نفسه ويحقق غايته من الوجود.!! شيء مهم في حياته أهم من جمع المال!
سادساً : كن مرناً … قد يستدعي وعيك بما يستجد من أمور تغيير بعض أهدافك لتتناسب مع الواقع الجديد. بمعنى (كن كالماء) مرناً في سيرك نحو تحقيق أهدافك…. غيّر ونوع من أساليبك وجدد فيها وظل متمسكاً بهدفك النهائي…(رؤيتك)
كن أنت : لكل إنسان أسلوبه ولكل شيخ طريقته لا تقلد الآخرين ولا تقتبس نظمهم و لا تتشبه بأحد، ليكن أسلوبك الخاص في وضع الخطط وتحقيق الأهداف مركزاً اهتمامك على البدء بهدف واضح وانتهاء بعمل ناجح …نعم، الشيء الوحيد الذي يجب ألا يغيب عن ذهنك هو أنك عندما تبدأ والنهاية في ذهنك تكون قد وصلت إلى النهاية مع لحظة البداية.
أخيراً …
أشرك أقرانك والمقربين منك فالمشاركة مباركة… ونقح أهدافك بانتظام : يجب أن يؤدي تحقيق الأهداف القريبة إلى تحقيق الأهداف البعيدة في نهاية المطاف. بمعنى كل هدف بسيط (إجراء) يكون موصل لهدف كبير (أمنية)… مثلاً من هدفه (حفظ كتاب الله تعالى – هدف بعيد المدى ) أي أمنية..يجزأ هذا الهدف على هيئة إجراءات (أهداف صغيرة) فنجد من إجراءاته اليومية (حفظ شيء بسيط من الآيات) وهكذا حتى يكمل – إن شاء الله تعالى – حفظ القرآن الكريم كاملاً..
سؤال : وبعد أن أحدد رؤيتي في الحياة, وآتي إلى مرحلة تحديد الأهداف فهل للأهداف صفات؟
صفات الهدف الحقيقي. في الواقع ليس كل الأهداف أهداف حقيقية في واقعها! بل هناك أهداف حقيقية وأخرى غير ذلك!! وحتى نميز بين هذا وذاك… لا بد أن تكون كل أهدافنا تتضمن هذه الصفات وهي :
أن تكون محددة وواضحة وصادرة عن إرادة واقتناع.
اتفاقها مع القيم الدينية والاجتماعية.
واقعيتها وقابليتها للتحقيق ضمن فترة زمنية محددة.
تسلسلها المنطقي في الأولويات، ومراعاتها للزمان والمكان.
أن تكون موجهة نحو التحسين والتطوير.
تضمنها قدراً من التحدّي للقدرات، مع وجود مرونة كافية تجعلها قابلة للتغيير أو التعديل.
أن يكون الهدف مرناُ. أي قابل للتعديل والموائمة حسب ظروف الإنسان وما يستجد عليه من مفاجئات..!!
لنأخذ أمثلة بسيطة على ذلك :
رب لأسرة هدفه ” توفير سكن ملائم للأسرة “
طالب هدفه ” الحصول على الترتيب الأول على مستوى الدولة “
موظف هدفه ” الحصول على تقييم أفضل موظف للسنة”
نجد أن هناك تفاوت في تلك الأهداف!! وهي في واقعها تناسب تركيبة كل واحدٍِ فيهم!! وطبيعته.!! إلا أنها في مجملها أهدافاً طموحة لهم.!!
ويقدم لنا ” د.نورمان بيل”: صاحب ألبوم التفكير الإيجابي, بعض النصائح المفيدة للمساعدة في وضع وتحديد الأهداف (أنقلها بتصرف) ــ يقول د. بيل:
تعلم التفريق بين الأهداف العامة الغامضة المطاطية والأهداف المحددة الواضحة التي يمكن تحقيقها وبالتالي فهمها.
أجعل لنفسك هدفاًُ عالياُ طموحاً وحاول الوصول إليه.
تعلم التفريق بين الهدف والأمنية.
جزء أهدافك الكبيرة إلى أهداف صغيرة ومرحلية تستطيع تحقيقها.
أختر من الأهداف التي تنفع بها نفسك والآخرين.
يقول الإمام ابن الجوزي – ( ينبغي للعاقل ألا يقدم على العزائم حتى يزن نفسه هل يطيقها؟ و يجرب نفسه في ركوب بعضها سراً من الخلق، فإنه لا يأمن أن يرى في حالة لا يصبر عليها، ثم يعود فيفتضح). ويقول العالم الورِع – يحيى بن معاذ الرازي : (خذ من الدنيا ما يبلغك الآخرة ، ولا تأخذ من الدنيا ما يمنعك الآخرة).
سؤال : كيف أضع لي أهدافاً في حياتي؟
الآن نأتي للجانب العملي من الموضوع…. أرجو من المستمع الكريم أن يقوم بتسجيل هذه النقاط..
– أحضر مجموعة من الأوراق و وزعها، ثم أكتب في أعلى كل صفحة من كل ورقة ــ ركن من أركان حياتك الرئيسة -مثلاً : ( الركن الروحاني/ الركن الشخصي/ الركن مهني/ الركن المادي/ الركن الصحي / الركن التطوعي …الخ ).دون تحت كل ركن قائمة بالأحلام أطلق العنان لنفسك…!! أكتب كل أحلامك !! ( تذكر أنك الآن تصوغ أهدافك الإستراتيجية!! )
– رتب أحلامك حسب الأهمية فعلاً. أ – ب – ج ( التركيز سر من أسرار النجاح).
– في ورقة مستقلة أكتب لكل ركن, فقط الأهداف التي صنفتها بـ ( أ ).
– في ورقة مستقلة ـ دون أهم قيم في حياتك ( الرسالة ). مثلاً الثقة ، الإيمان ، الحب ، الإنجاز ، الصدق …الخ. عدل أهدافك بحيث تتماشى وتنسجم مع قيمك في الحياة..
الآن أصبح لديك أهداف محددة, ومهمة, وتستحق العيش من أجلها. ثم ضع ذلك كله في خطة تنفيذية.
– أكتب لكل هدف على الأقل ثلاثة أسباب لماذا ضروري تريد تحقيقه. ضع السبب الذي يجعل هذا الهدف فعلاً ذا أولوية وأهمية. أو أجب على سؤال: ما الذي أحصُل عليه لو حققت هذا الهدف ؟
– أكتب المشاكل والعقبات التي سوف تواجهك والحلول المقترحة مسبقاً.
– صنف أهدافك قصيرة (أهداف تنفذ في يوم إلى شهر)، متوسطة (أهداف تنفذ خلال أشهر إلى سنة)، طويلة المدى (أهداف تنفذ أكثر من سنة إلى 10 سنوات).
– قيم أهدافك وراجعها باستمرار وعدل من خطتك وحسب متغيرات الحياة عليك.
– تصور أنك فعلاً حققت تلك الأهداف وتمسك جيداً بهذا الخيال واستحضره دائماً وأستشعر المشاعر الإيجابية.
– صل صلاة الحاجة ( الاستخارة ) و ثق بأن الله سوف يوفقك إن شاء الله.
– استحضر النية الصالحة في كل هدف وأجله خالصاً لله تعالى.
ملاحظة أخيرة : التركيز سرٌ من أسرار الإنجاز والنجاح والسعادة. الإنسان الذي يريد أن يحقق كل شيء لا يحقق شيئًا.
الإنسان الذي يريد أن يركز تنحاز له الحياة. الحياة تحب الشخص الذي يركز, أما المشتت, فالحياة لا تُلقي له بالاً. ركز على الأهداف ذات الأولوية القصوى ركز على (أ) وستتبعها تلقائيًا (ب)، و(ج).
أخيراً ابدأ اليوم, بل أبدأ الآن!!كل ما تحتاجه هو تخصيص ساعة كل أسبوع أو عشر دقائق كل يوم لمراجعة خططك وأهدافك للحفاظ على تسلسل أفكارك وتتابعها.