تعتبر الأم مستودع أسرار ابنتها، ويعتبر الوالدين المنفس الأول لمشاعر الطفل والمسؤولين عن تلبية احتياجاته، حيث يعبر لهما عما يجول في نفسه، ويصف لهما كل ما يدور حوله في بيئته الأسرية المجيطة،
وعندما يخرج إلى المجتمع عن طريق المدرسة، تستمر هذه العلاقة بالتواصل بين الطرفين، ليتخذ الطفل والديه كمستشارين للأمور الحياتية اليومية التي يواجهها وللخبرات التي تمر عليه، ولتفسير الكثير من الواقف التي قد تصعب عليه،
وبالطبع يحكم هذه العلاقة الود والثقة المتبادلة، فكلما توفرت البيئة الأسرية المشجعة على التعبير، والقريبة من الطفل والمتفهمة لاحتياجاته، كلما كان الطفل أكثر قرباً من الأسرة وتعبيراً عما يجول في خاطره،
أما إذا كانت الأسرة من النمط المتسلط، والتي تكبت مشاعر الطفل، بحيث لا تترك له مجالاً للتعبير، أو تأخذ بالاستهزاء عن كثير من الأمور التي يطرحها،
فإن كل ذلك من شأنه عدم خلق الثقة، وسعي الطفل للبحث الطفل عن مصدر آخر لتعزيزه وتفسير خبراته الجيدة، حيث يميل إلى الأصدقاء أو قريب آخر بديل عن والديه، ويخفي بعض الأشياء التي يواجهها في حياته اليومية لدرجة أنه تعتبر أسراره الخاصة، وملكاً له ليس من حق والديه الاطلاع عليها.
ويمكن تلخيص أهم أسباب إخفاء الطفل أسراراً على والديه فيما يلي:
– الخوف من العقاب في حال بوح الطفل بهذه الأمور لواديه، على اعتبار أنها غير مقبولة، وقد أوقعت الطفل في المحظور.
– عدم إعطاء الطفل منذ صغره الفرصة للتقرب من الوالدين والبوح لهم بما يفكرون في .
– استخفاف الوالدين بالأفكار والأمور التي يفكر فيها الطفل، والاستهزاء عليها.
– التسلط في معاملة الطفل، وفرض الأمور عليه، وإصدار القرارات وتوقع التنفيذ الأعمى منه.
– لوم الطفل باستمرار على ما يفعله ومعاقبته دون مراعاة مشاعره وأحاسيسه وهذا قد يزرع الخوف بداخله ويولد لديه النفور النفسي من الأهل وقد يصاحبه الجسدي أيضاً.
– الفجوه بين الآباء والأولاد عدم وجود الجوي الأسري الدافئ وانعدام الحوار بين افراد الأسره.
– تباين مستوى التعليم بين الابناء والآباء وبدون خجل أن أغلب آبائنا أو أكثرهم أميين.
ومن أجل التغلب على هذه الظاهرة لا بد من تهيئة جو آمن للطفل بينه وبين أسرته، وتعويده على الصراحة في التعبير عن انفعالاته ومشاعره، والحديث اليومي عما يواجهه الطفل في الشارع أو المدرسة، دون محاولة التشكيك به والتجسس على خصوصياته، علماً أن الوالدين اللذين يشبعان عواطف طفلهما، ويشعرانه بدفئ الأسره من شأنه أن يكون قريباً من النظام الأسري، ولا يجد حاجة للبحث عن الآخرين خارج نطاق الأسرة لتلبية هذه الحاجات.
وإن تقنين مشاهدة الطفل للبرامج التلفزيونية واستخدامه الوسائل التقنية الحديثة لهو كفيل ايضاً بضمان قرب الطفل من أسرته ووالديه،
علماً ان التعلق بالانترنت وشخصياته الوهمية يعطي الطفل إشباعاً لحاجاته في التعبير والحوار مع الآخرين، الأمر الذي قد يعتبر بديلاً عن الجو الأسري الطبيعي.
وإن جلسات من النقاش والحوار المفتوح بين الأطفال في البيت وآبائهم لا شك أنها تساعد بخلق جو من الصراحة والاطمئنان،
واستشارة الطفل في اموره الحياتية اليومية لهم تعبير عن احترام الأسرة لشخصية الطفل وخصوصياته، ويني فيه القدرة على الاختيار واتخاذ القرار، على عكس الحواجز التي يضعها بعض الآباء بينهم وبين أطفالهم والتي تخلق الجمود في هذه العلاقة، والتي يبني عليها الطفل الكثير من الأفكار السلبية مما يزيد الفجوة اتساعاً بين الطرفين.
وأخيراً،
فليس هناك ما يخبئه الطفل على والديه إذا شعر بالأمن، وإذا شعر بأنهما يقدّران ما سيقول، ويأخذان به على محمل الجد،
فالوالدين هما أول ما تقع عليه عينا الطفل بعد ميلاده، فليس من المعقول أن يخفي الطفل شيئاً عن هذه الصورة الأولى التي تعتبر أزهى صور حياته وأجملها.