الأحد 06 أكتوبر 2024 / 03-ربيع الثاني-1446

دراسة : طالبوا بدورات تدريبية للزوجين وحملة إعلامية تبتعد عن ” الفرقعة ” خبراء وخبيرات يؤكدون وجود



طالبوا بدورات تدريبية للزوجين وحملة إعلامية تبتعد عن ” الفرقعة “

خبراء وخبيرات يؤكدون وجود علاقة وثيقة بين “البطالة” ودرجة انتشار العنف الأسري”

أكدَ خبراء وخبيرات وجود علاقة وثيقة بين «البطالة» ودرجة انتشار العنف الأسري، وقالوا إن وجود أب أو ابن في الأسرة عاطل عن العمل قد يكون سبباً لممارسة العنف ضد أحد أو بعض أفراد الأسرة، فالزوج الذي لا يعمل ويعاني نفسياً ومادياً بسبب ذلك قد تدفعه الحاجة إلى ممارسة سلوكيات غير مرغوبة داخل وخارج المنْزل ما قد ينجم عنها مشاحنات عائلية ربما كانت الزوجة ضحيتها في نهاية المطاف. جاء ذلك ضمن دراسة ميدانية أجراها مركز رؤية للدراسات الاجتماعية عن العنف الأسري في المجتمع السعودي.

وقال باحثو مركز رؤية: ورد إلينا عدد كبير من المقترحات التي يعتقد الخبراء والخبيرات أنها تساعد في الحد من العنف الأسري. وقد كان التركيز الرئيسي على طرق الوقاية أي قبل وقوع العنف. ومن تلك الطرق ما اتفق عليه معظم الخبراء والخبيرات والخاصة «بالتوعية الإعلامية» فكثير ممن تم مقابلتهم يرون أن الإعلام لم يسلط الضوء على هذه القضية بدرجة كافية وأن كل ما تم بهذا الصدد لا يعدو كونه فرقعة إعلامية خاصة ما ينشر في الصحف وذلك لترويج الصحف بعناوين براقة دون الغوص في أعماق المشكلة وسبر غورها بدرجة تمكن من الكشف عن مسبباتها . يقترح البعض بهذا الصدد القيام «بحملة إعلامية» مكثفة تسلط الضوء على العنف الأسري لإيضاح مفهومه وأسبابه ونتائجه على الفرد والمجتمع. وأن تكون الحملة شاملة بحيث تشترك بالقيام بها عدة جهات حكومية لبيان أهمية التصدي لمشكلة العنف الأسري وذلك لرفع درجات وعي الأفراد والأسر بوجود المشكلة، وأن من الأهمية بمكان مواجهتها دون مواربة. يقترح البعض عدة آليات «للتوعية الإعلامية» بمشكلة العنف الأسري، فمن تلك المقترحات الدور الذي يجب أن يقوم به أئمة المساجد والجوامع لتسليط الضوء على المشكلة وتناولها من المنظور الشرعي فالجمهور يستجيب لذلك ولا سيما أن المجتمع السعودي متدين بطبيعته، وأنه يتقبل دور العلماء والمشايخ بدرجة ربما تفوق غيرهم خاصة عند تناولهم في خطبهم ومحاضراتهم قضايا الناس اليومية بدلاً من الحديث عن قضايا عامة يتكرر الحديث حولها. وليس سراً أن بعض الأئمة ينأون بأنفسهم عن القضايا اليومية، وإنهم بدلاً من ذلك يركزون على قضايا الأمة بشكل عام. إن تناول قضايا ومشكلات معاشية وربما بسيطة تهم الناس قد يكون له أبلغ الأثر في استجابة الجمهور وتفاعله مع الداعية خاصة عندما يتحدث الأخير عن قضايا وثيقة الصلة بالأسرة والمجتمع بحيث يدعم محاضرته بأرقام وإحصاءات مفيدة تبين حجم المشكلة. ومن الآليات الأخرى المقترحة للحد من مشكلة العنف الأسري الدور الذي يجب أن تضطلع به وزارة التربية والتعليم من خلال التوعية المدرسية، وتشجيع الطلاب الذين يتعرضون للعنف الأسري على اللجوء إلى المرشد الاجتماعي أو المرشدة الاجتماعية في المدرسة لطلب العون. معظم الطلاب والطالبات الذين يتعرضون للعنف الأسري قد يخجلون من البوح بمشكلاتهم الأسرية ومن ثم يحجمون عن طلب العون من المدرسة الأمر الذي يستلزم تفعيل وتنشيط دور الإشراف الاجتماعي المدرسي بحيث يقدم العون للطالب والطالبة . هذا يستلزم كذلك تنشيط التعاون بين البيت والمدرسة. ويبدو أن كبر حجم المدارس وأعداد الطلاب المتزايدة في الصفوف وقلة عدد المشرفين والمشرفات الاجتماعيين يحد من دور هؤلاء في تقديم العون اللازم للطلاب والطالبات خاصة ضحايا العنف الأسري الذين هم بأمس الحاجة إلى المساعدة مقارنة بأصحاب المشكلات الأخرى. وقال باحثو مركز رؤية: يقترح بعض الخبراء والخبيرات بهذا الصدد عقد دورات تدريبية للمشرفين والمشرفات الاجتماعيين سواء في المدارس أو الأخصائيين والأخصائيات في القطاعات الاجتماعية الأخرى بحيث يوضح لهم مفهوم العنف الأسري، وأنواعه وأسبابه، وما ينجم عنه من مشكلات، وكذلك طرق التعامل مع ضحاياه. إن عقد دورات تدريبية في هذا الحقل للمشرفين والمشرفات والأخصائيين والأخصائيات يمكنهم في نهاية المطاف من كشف الحالات التي تعرضت للعنف الأسري والتعامل معهم بكل مهنية وحرفية. وأضاف باحثو مركز رؤية: يقترح البعض كذلك عقد دورات تدريبية للزوجين (الزوج والزوجة) حول العنف الأسري من خلال برامج توعية ودورات قصيرة. وقد تقوم وسائل الإعلام بدور بارز في هذا الجانب من خلال استضافة خبراء وخبيرات وتصميم برامج خاصة للزوجين لإيضاح مشكلة العنف الأسري وما يترتب عليها من نتائج سيئة. أما المقترح الرئيسي الذي تكررت الإشارة إليه عدة مرات ومن معظم الخبراء والخبيرات فهو الخاص بإيجاد «جهة أو هيئة مستقلة» معنية بقضايا العنف الأسري تتعامل معه بمهنية وحرفية سواء كانت جهة حكومية أو أهلية. ويبدو أن هذا الاقتراح ليس سوى نقد مبطن لإدارة الحماية الاجتماعية بوزارة الشؤون الاجتماعية التي يرى البعض هامشية دورها وقصوره، وأنه ربما كان دوراً غير فاعل بما فيه الكفاية رغم الجهود المبذولة، في ظل تنامي أعداد الحالات التي تتعرض للعنف الأسري كالزوجات والأطفال. ويقترح البعض كذلك تجهيز المحاكم بطاقم من الأخصائيين الاجتماعيين يقدمون المشورة للقضاة الذين ينظرون في قضايا العنف الأسري. معظم قضايا العنف الأسري التي تصل للمحاكم يتم التعامل معها كقضايا شجار ومنازعات عائلية دون النظر في إمكانية علاجها والتعامل معها قبل وصولها إلى القضاة للبت فيها. هذا الاقتراح كما يرى البعض له عدة فوائد، منها إمكانية علاج المشكلة قبل البت فيها قضائياً، وكذلك تخفيف العبء على القضاة الذين ينظرون في أعداد كبيرة من القضايا، ومنها رأب الصدع الذي يحدث في بعض الأسر قبل اللجوء إلى حكم قضائي قد ينتهي بالتفريق بين الزوج والزوجة عندما تكون ضحية العنف الزوجة على سبيل المثال. ما يتم اقتراحه بهذا الصدد هو تدخل مهني من قبل متخصصين اجتماعيين يعملون في المحاكم وذلك قبل صدور الحكم القضائي، وفي حالة صدور الحكم فإنه يصدر وقد تأسس على فهم اجتماعي للقضية المنظورة، إضافة إلى جوانبها الشرعية التي تظل من اختصاص القضاة. وبخصوص الجهاز القضائي فإن عدداً كبيراً من الخبراء والخبيرات يقترحون سن لوائح وأنظمة تحدد «مفهوم العنف الأسري» وعقوبات لمن يقومون به، على أن يتم التفريق بين تأديب الأبناء من قبل الوالدين والعنف الشديد الذي يمارسه البعض منهم والذي يتجاوز التأديب والتهذيب. إن وجود أنظمة ولوائح معروفة للجميع قد يسهم وإلى حد كبير في تقنين المشكلة وحصرها في نطاق معين للتفريق بين العنف وغيره. وحتى يتمكن الضحايا من الوصول إلى جهات توفر لها حماية مستمرة فإن بعض الخبراء والخبيرات يقترحون إنشاء «خط تليفوني ساخن» يتكون من ثلاثة أرقام بحيث يسهل حفظه من قبل الأطفال لمساعدتهم على الاتصال به مجاناً في حالة تعرضهم للعنف الأسري. وقد يتم ربط هذا الخط الساخن بخط الشرطة مباشرة بحيث تقوم الشرطة بإحالة المكالمة إلى جهة الاختصاص مباشرة، مع ضرورة رفع الوعي عند رجال الشرطة للتعامل مع حالات العنف الأسري وأنها ليست حالات جنائية فقط فهي مشكلات ذات جوانب اجتماعية وقرابية بالدرجة الأولى ما يستلزم التعامل معها بطرق مختلفة. أن توفر خط تلفوني ساخن على مدار اليوم لاستقبال مكالمات ضحايا العنف الأسري، والقيام بحملة إعلامية مكثفة للترويج للرقم يعد أحد المقترحات التي يرى الخبراء أهمية القيام بها شريطة إنشاء هيئة مستقلة تعنى بقضايا العنف الأسري وتتعامل معه على غرار جهازي الشرطة وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.وقد ذهب بعض الخبراء إلى أن المعنفين يحظون باهتمام خاص من بعض دور الحماية بإجراء دراسات تتبعية لهم بعد تسجيلهم في الدور بحسب الحالة التي جاؤوا عليها وذلك للتأكد من عدم تكرار تعرضهم للعنف مرة أخرى.

المصدر: مركز رؤية للأبحاث الإجتماعية .

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم